صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/55

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

۰۳

لقد كان الملك يقص على حور قصة حبه جميعاً. وكان يصف له كل خاطرة وكل انفعال. وكان يستعرض معه اللحظات القصار التي مرت عليه في حبه، وكأنما هي دهور طوال لفرط ما ازدحمت بالأحاسيس واللفتات والملاحظات والانفعالات.

وما كان حور لينطق بشيء إلا أن يجيب على سؤال ملهوف من الملك : ترى نلقاها كرة أخرى ؟ فيتكلف الرجاء والثقة، و يجيب في توكيد وتشديد : لا بد. لا بد يامولاي… ! وهنا تتفتح للملك أبواب الرجاء على مصاريعها، وكأنما هذه الكلمات التي ينطقها حور تعاويذ سحرية تفتح له أبواب الرجاء !

وأوشك الصبح أن يشرق، فانتبه العاشق المسحور ورفيقه المبهور، وعاما على حين بغتة، أنهما قد أبعدا في الصحراء، الصحراء الجبارة التي يتوه فيها الدليل. وانتفضا كمن يبغت بالخطر، و إن لم يعلما بالضبط أنهما قد أوغلا في التيه

وحينها راحا يتحسسان آثار أقدامهما ليعودا أدراجهما كانت الريح قد عفت على هذه الآثار، وكان أمامهما أن يضربا في الصحراء على غير هدى، يلتمسان العودة إلى محط القافلة على غير جدوى… !