صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/56

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٤ه

وانقضى اليوم الأول في بحث مضن بين الرمضاء في الصحراء والفزع المستولى على الخاطر، واليأس من الاهتداء للقافلة في التيه، واليأس الأكبر من الأمل الأكبر، والعطش الذي يجفف البدن ويشوى الأعضاء.

وتحنن الله عليهما في اليوم الثاني فإذا سحابة تظلل الشمس، وما تلبث أن تمطر، فيوجد الماء. الماء العزيز الثمين. وحينها يعبان وبرتو يان يعاودها الأمل في الحياة، و ينفتح لها باب الرجاء. و بعد قليل يستشرفان قافلة عن بعد، فيتحاملان على أنفسهما ويجريان إليها هاتفين بأعلى ما تصل إليه أصواتهما. ويجدان عند القافلة شيئاً من الزاد كما يجدان ما هو أعظم : يجدان الهداية إلى الطريق، فلقد مرت القافلة بالقوم يبحثون عن رجليهما الغائبين، فهي تدلها على أقرب طريق إلى قومهما، وتزودها بالقليل من الزاد والماء، فينطلقان على هدى حتى يصلا في نهاية اليوم، وقد أوشك القوم على اليأس من عودتهما سالمين.

هنا يجد حور من الشجاعة ما يسأل به الملك : أو ليس من الخير أن يعودوا إلى مملكتهم بعد ستة أشهر طوال في التجوال، ويدعا الأمر للمقادير، فقد توفقهما إلى ما يريدان من أقصر