صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/58

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٥٦

سوى طيف عابر أشعل قلبه وهز روحه، ثم ارتد عائداً إلى المجهول ؛ فأحس أنه لم تعد له صلة بهذا الكون الغريب، ولا علاقة بهذه الدنيا الموحشة ؛ أحس أنه من عالم آخر لا علاقة له بهذا العالم المحسوس. من العالم الذي لاح له فيه ذلك الطيف العابر ثم غاب.

وفكر مرة ومرة والقافلة تقرب من المدينة أن يعود على عقبيه، أو أن ينفلت متخفياً فيهم في الصحراء التي تمتد إلى آفاق غير محدودة، تشبه التيه الذي تهيم فيه روحه، بما فيه من وحشة وظلام ولكنه كان يجد نفسه منساقاً مع القافلة، لأنه لم تعد له العزيمة التي تقرر التخلف والانفراد.

وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

***


فلما كانت الليلة الرابعة قالت شهرزاد :

عاد الملك يا مولاي أخيراً إلى مقر ملكه. عاد بلا قلب. عاد إنساناً آخر لا أمل له في شيء، ولا رغبه له في شيء… لقد شاخ وشاخت رغباته. فلما استقبله المشير متهللا مبتهجاً بعودته إلى ملكه وعرشه وشعبه، وعرض عليه أنه سيشيع منذ الغد نبأ