صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/70

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

74 وغابت الجارية قليلا والأميرة في شبه حمى ، فلما عادت توجهت إليها الأميرة ملهوفة تسألها عما سمعت كأنها لم تسمع به أول مرة ، فأخذت الجارية تروى لها وهي تلهث ماسمعته من المنادى ، وما اقتطفته من تعليقات الجماهير . و بينما هي ماضية في السرد المتقطع اللاهث ، تقدمت منها الأميرة في غضب هائج ، وأمسكت بكتفيها في عنف ، وهزتهما في ثورة ، وصرخت فيها تقول : - ويحك ! ماذا تقولين يا شقية ! فارتعدت الجارية من الخوف ، والعقد لسانها من الذعر ، فدفعتها الأميرة في عنف ، وانطلقت إلى النافذة تتسمع أصداء المنادي من بعيد فلما ابتعد الصوت والصدى عادت فألقت بنفسها على فراشها مهدمة ، وراحت تنشج نشيجاً متقطعاً مكتوماً لاهثا . ولم تجرؤ الوصيفات على الاقتراب منها إلا بعد فترة طويلة، قالت إحداهن: - يا مولاتي . يجب أن نبعث برسول إلى سراى مولاى يتأكد و يأتينا بصحيح الأخبار . وهنا اعتدلت الأميرة ، وكأنما فتح لها باب الرجاء ، ولكن في هذه اللحظة أدركتها الكبرياء . . - .