صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/75

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وتمتطيان حمارين وتنطلقان من باب المدينة المواجه للصحراء ، قبل أن تغرب الشمس فتغلق الأبواب ، ولا يسمح الحراس لأحد بالدخول أو الخروج ، حتى تطلع الشمس من جديد . ووجدت الأميرة في نفسها شيئاً من التردد ، ولكن نظرة منها إلى الزينات التي كادت تتم ، والأنوار التي بدأت توقد ، بعثت في جسمها هزة، وفى نفسها ثورة ، وملأت قلبها بالغيظ الفائر، والحقد الثائر، والنقمة تود لو تصبها على كل ما في المدينة . فاندفعت بلا تردد . وانطلقت العرافة والأميرة تجدان السير حتى اجتازتا حدود الوادي، فخرجتا إلى الفضاء العريض في الصحراء ؛ ولم يكن القمر قد بزغ بعد ، فأحست الأميرة بقشعريرة الخوف من الظلام الضارب على الآفاق ، وهمت أن تكر عائدة إلى المدينة لولا أن عاودتها صورة الزينات والأنوار ، وخيالات الملك والفتاة ، قمار الدم في عروقها وامتلأت عزيمة و إقداماً ، ولم يكن همها في هذه اللحظة أن تحول دون هذا الزواج فحسب ، بل ودت لو تحرق غريمتها ولو حرقت حبيبها أيضاً ولم يلبث القمر أن أطل على الصحراء المترامية الأطراف ، فغمرها بضوئه الفضى الشفيف ، وخيم على الكون كله ذلك