صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/83

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۸۱ وأوغلا في حلم سعيد مديد . . . ثم أفاقا فارتدا من الشرفة إلى المخدع ، والأصداء المختلطة تنساب في أسماعهما، والرؤى المتراقصة تنبض في خيالها ، حتى إذا انفردا قليلا غابت الضجة ، وانطوت الأصداء ، وتفتح لها عالم أوسع وأبهج ، يرودانه وحيدين ، و يجوبانه فريدين، وتترامى بهما آفاقه إلى أبعد مما تراه الأبصار . و باتا ليلة يا مولاي ، ليست مما تصوره الأقوال ، ولكن مما يتملاه الخيال ... ثم أصبح الصباح ! ثم تلاه إمساء و إصباح . والحياة تبسم للعروسين الشابين ، والدنيا تنبض بقلب العاشقين حتى دار الفلك دورته ، وأوفى العام على تمامه ... وكانت ليلة همست فيها العروس همسة في أذن العريس ، وفي عينيها إغراء وفرح ، وفى نبرتها فتنة و إدلال . ووثب الملك وثبة ألقى فيها عن عاتقه كل أعباء الملك وتقاليده ، ليرتد بشراً خفيفاً طليقا ؛ وراح يعانقها في فرح ونشوة ، و يضمها في انفعال وقوة ، وهي ترده عنها في لطف و إغراء . . . ومنذ تلك الليلة عادت الملكة تعيش بحساب ، وتتحرك بحساب ، وأصبح القصر ينتظر البشرى ، حين تتم الأيام ، وقلبان خافقان لا يكفان عن الخفقان !