صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/89

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

AY والرحيق المذخور ، ذلك الذي تودعه الحياة أنثياتها الفاتنات ! ثم تكر السنوات فتبلغ الثامنة عشرة . ويكون الربيع حينها تنزل إلى الحديقة تقفز وتجرى وتسابق الفراشات الزاهية الألوان . وتتوجه من أبيها نظرة إلى ملامحها الفاتنة ترده إلى ذكرى بعيدة عزيزة . .. إنها ملامح فتاة الغابة يوم أن رآها أول مرة تخطر وكأنها تطير ، وتمشى و إنها لتتوثب . يوم أحس أنها إحدى ظبيات الغابة ، أيقظها تفتح الربيع . ويخفق قلبه خفقاناً سريعاً ، ويشير إلى فتاته فتدنو منه ، فيحتضنها في حنان ظاهر وولع باد ، ثم يغمر وجهها في صدره ، و يربت عليها في حنان . وحينها ترفع الفتاة وجهها إلى أبيها تجد دمعة حائرة تترقرق . في عينيه ، وهو يطبع على جبينها قبلة حارة طويلة . و يروعها منظر الدموع في عينيه ، فلم يسبق لها أن رأته يبكى ، فترتاع ، وتسأل في لهفة عما ألم به . وعندئذ يفيق فيبسم لها و بهش ، و يفصح لها عن سبب اضطرابه ، ومبعث دموعه : إنها دموع الذكرى الحبيبة إلى نفسه . فلقد رأى في ملامحها اليوم ملامح أمها الجميلة يوم كانت في مثل سنها ، ويوم التقى بها أول