صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/91

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

A4 وانتشر النبأ في لحظة فلا أروقة القصر جميعا ، وذهب الرسل إلى الأطباء في قلق ظاهر؛ ولم يكن بدأن يصل الفروا إلى الملك فيذعر له ذعراً شديداً، وتتجسم مخاوفه وتتضخم ، على الرغم من كل حديث مطمئن . فها هي ذي النبوءة الأولى تتحقق ، وإذن فستلحقها الثانية قريباً. وتستحيل هذه الوعكة الخفيفة يوما بعد يوم إلى مرض يشتد ثم يستحيل سقها ، فتذبل الأميرة شيئاً فشيئاً ، وتذوى نضارتها قليلا قليلا ، وتفقد نظراتها ذلك البريق الفاتن ، وينضب فيهـا الرحيق المذخور ، بعد مضى الأسابيع والشهور. ويحار الأطباء والكهنة والعرافون والمنجمون ، وتثقل الأيام على الملك ، فلا يرى إلا قلقاً مهموما ، وتحاول الملكة - على ما بها من جزع وألم – أن ترد إليه الطمأنينة ، وأن توحى إليه بالصبر فلا تجدى محاولاتها شيئا . إنه يحب الفتاة حباً قوياً عميقاً . يحبها مرتين : حبه الأبوى الحنون ، وحبه الذكرى العزيزة في خاطره. ذكرى فتاة الغابة في عهد الشباب الجميل . 1 و يستنفد الوالدان جميع وسائل الطب والعرافة ، والفتاة تذوى بين أيديهما وتذبل ، فلا تبقى نافذة مفتوحة للرجا، إلا أن تتحقق النبوءة على يدى طبيب الشمال !