صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/93

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

91 الطبيب بالاستئذان فلا يؤذن له حتى تظهر نتائج علاجه ، وحتى يجد جزاءه من الإكرام والحفاوة . ومنذ الصباح الباكر تحمل الأميرة في محفة وهي ذاوية ذابلة لتستنشق نسيم الغابة كما أمر الطبيب ، فتحس له نشوة خفيفة تدب في كيانها و يدب معها البرء والعافية . وتستروح هذه النسيات كأنما تعيد إلى نفسها ذكرى ، وتثير في قلبها حنيناً ، وترد إليها ماضياً بعيداً . وإن لم تكن قد وطئت هذه الغابة من قبل أو رأتها إلا من شرفات القصر البعيدة !. وإن هي إلا أيام قلائل حتى أخذت تسترد عافيتها ، و يسرى الدم في خلاياها ، و يدب النشاط في أوصالها ، وتستطيع الرياضة الهينة ، وتقبل عليها في شغف ولذة . ورأى الملك علائم الصحة تبدو على فتاته الحبيبة فكاد يطير من الفرح ، وخلع على الطبيب و بالغ في إكرامه ، وعرض عليه أن يضمه إلى الحاشية ، وأن يجعله طبيبه الخاص وطبيب الأميرة فاستجاب للعرض في سرور ورضا وغبطة، إذ جذبته الأميرة الشابة بجاذبيتها التي لا تقاوم، فأصبح يحس أنها ابنته ونبته، وأن أروح أيامه هي التي يقضيها في خدمتها والسهر على صحتها . وكان في الفتاة ذلك السحر الأخاذ الذي يؤخذ به الكبار والصغار والرجال والنساء،