صفحة:المذاهب الفقهية الأربعة وانتشارها عند جمهور المسلمين.pdf/7

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

والمنتسبين إلى مذهبه، فاضْطُرَّت العامة إلى أحكامهم وفتاواهم، وفشا المذهب في هذه البلاد فشواً عظيماً.

كما فشا المالكيّ - بالأندلس بسبب تمكَّن يحيى بن يحيى بن كثير عند الحكَم المنتصر، حتى قال ابن حزم: مذهبان انتشرا في بدء أمرها بالرئاسة والسلطان: الحنفيّ بالمشرق، والمالكيُّ بالأندلس1.

ولم يزل هذا المذهب غالباً على هذه البلاد، لإيثار الخلفاء العباسيين الحنفيَّة بالقضاء، حتى تبدّلت الأحوال وزاحمته المذاهب الثلاثة كما سيأتي في الكلام عليها. وبلغ من تمسّكهم به في القضاء أن القادر بالله استخلف مرة إياس (العباس أحمد بن محمد البارزي الشافعي) عن أبي محمد بن الأكفافي الحنفي قاضي بغداد، بإشارة أبي حامد الإسفرايني، فأجيب إليه بغير رضا الأكفاني، وكتب أبو حامد إلى السلطان محمود بن سبكتكين وأهل خراسان: أن الخليفة نقل القضاء عن الحنفية إلى الشافعية. فاشتهر ذلك وصار أهل

بغداد حزبين ثارت بينهما الفتن، فاضطر الخليفة إلى جمع الأشراف والقضاة، وأخرج إليهم رسالة تتضمن أن الإسفرايني أدخل على أمير


  1. عن المقريزي ونفح الطيب وبغية الملتمس.

٥٢