صفحة:المرأة في القرآن الكريم - عباس العقاد.djvu/7

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومن قصور الفـكر عند الداعين إلى قيام المرأة بجميع أعمال الرجل في الحياة العامة والخاصـة ، أن يقـال : إن المرأة إنمـا تخلفت في الكفاية والقـدرة بفعل الرجل ونتيجة لأثرته واستبداده وتسخيره المرأة في خـدمة مطالبه وأهـوائه..

فإن هذا القول يثبت رجحان الرجل ولا ينفيه ، فما كان للرجال ، جملة . أن يسخروا النساء جملة في جميع العصور وجميع الأمم لو لا رجحانهم عليهن ، وزيادتهم بالمـزية التي يستطاع بهـا التسخير ، ولو كانت مزية القوةالبدنية دون غيرها.

☆☆☆

ومما يلاحظ أن أكثر القائلين بدعوة المرأة إلى القيام بعمل الرجل ، جماعة الماديين الذين يردون كل قـوة في الإنسان إلى قوة البنية المادية ،فإذا قيـل إن قوة الجسد هي مزية الرجل على المرأة ، فليست هنـاك قـوةأخرى تحسب في باب المفاضلة بين الجنسين

على أن الواقع أن الكفاية التي تمكن الإنسان من الغلبة على سـائر الناس لم تكن قط من قبيل القـوة الجسدية دون سائر القوى الإنسانية ،وكثيراً ما كان المتغلبـون المتسلطون على من دونهـم، أضعف جسـدا من الخاضعين لهـم ، العاملين في خدمتهم . وكثيرا ما كانت قـوة الحكم بمعزل عن قـوة الأعضاء ، وصلابة التركيب . وأيا كان القـول في هـذا فإن الجنس لا يمتاز في جملته بقـوة الجسد ، دون أن يرجـع ذلك إلى فضل في التكوين يوجب الامتياز والرجحان

وإذا نظرنا إلى سوابق التسخير في تاريخ الإنسان ، تبـين لنـا أنه كان نصيبا عاما لجميع الضعفاء الخاضعين للأقوياء المسلطين عليهم ، وكان نصيبا عاما على الأقل لطوائف العبيد الذين خضعوا للأقـوياء والضعفاء ، ممن كانوا يسمون بالأحرار تمييزا لهـم عن الأرقاء المستعبدين ، وقـد نبـغ من هؤلاء الأرقاء المستعبدين زمرة من الأدباء وأصحاب الفنـون . كما نبـغ منهـم « سادة » يزاحمون الأحرار على أعمال الرئاسة والقيادة وينتزعون الحـكم وهم غرباء عن البلاد التي يحكمونها . وهم في عـددهم قلة ضئيلة ، بالقياس