7 امرأتنا في الشريعة والمجتمع 6 الممالك، هذا هو موقف المرأة في الشرق، وهذه آراؤنا في نهوضها. ولكننا في تونس ممتاز على الشرق كله بأننا إلى اليوم لم نوفق في العمل لنهوض المرأة ولو بمقدار الذرة في حياتها. وليس لنا من ذلك غير الكلام وعموم الأمة مُعْرِض عن هذا الموضوع تماما . ويرى بعض المؤثرين في هذا السواد أننا يمكن أن ننهض بأنفسنا دون المرأة كما قامت المدنية العربية. ولو تأملنا موقف المرأة مع المسلم العربي الذي جاهد لفتح وانتصر لرأينا أنها تبعث في صدره روحًا جبارًا هو سر نجاح تلك المدنية فوق ما كان لها من معارف علوم الدين وفنون الأدب نظما ونثراً، وقد كانت تبلغ فيها من الشأن غير ما وقفت عنده لو أنها كانت أوفر تعليمًا وتهذيبًا وحرية. ولعلنا نلمس هذا الرُّوح قائما في أنفسنا نحن الرجال حتى اليوم، إذ تتقدم المرأة في عمل شريف لانتشال وطنها والذَّود (۱) عنه فتبعث بذلك فينا الحياة والجرأة إلى الحد البعيد. ولكن هكذا شاء حمقنا الأخرق أن نتأخر إلى الوراء حتى الموت. بينما على مرأى منا ومسمع يتقدم غيرنا بسرعة إلى الأمام ظافرا بالحياة. لو نراجع أصل ميولنا في إنكار نهوض المرأة لوجدنا أنه منحصر في أننا لا نعتبرها من . عامة الحياة إلا أنها وعاء لفروجنا. غير أننا مهما بالغنا في إنكار وجوه ما للمرأة من حق، وما لنا في نهوضها من نعمة شاملة، فإنها ذاهبة في تيار التطور الحديث بقوة لا تملك هي ولا نحن لها ردًّا. وهي تجري في ذلك على غير هدى أو كتاب منير، وذلك ما يزيد كل يوم روح الفوضى فينا رسوخًا واشتباكا. وبدلاً هذا العناد الذي لا ينفع شيئًا، كان يجب علينا أن نتعاون جميعًا على إنقاذ من (1) الذود عنه : الدفاع عنه.
صفحة:امرأتنا في الشريعة والمجتمع الطاهر الحداد.pdf/6
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.