صفحة:بسائط علم الفلك وصور السماء (1923) - يعقوب صروف.pdf/12

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٦

الرأي القديم في الفلاك

وقد جمع الشيخ ناصيف اليازجي أسماء هذه السيارات حسب ترتيبها من الابعد إلى الأقرب بقوله

تلك الدراري زحل فالمشتري
وبعده مريخها في الاثر
شمس فزهرة عطارد قمر
وكلها سائرة على قدر


اما كيف عللوا حركات هذه الكواكب على اختلاف أنواعها فما يطول شرحهُ وبقي رأي بطليموس شائعاً معمولاً به ١٤٠٠ سنة بعد موته . ومن يطالع الزيج الصابئ الذي وضعه ابو عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف بالبتاني المتوفى سنة ٩٢٩ الميلاد اي منذ نحو الف سنة يعجب مما كان القدماء يبذلون من الجهد والعناء في تعليل حركات الشمس والقمر والكواكب والنجوم والفلك كله بحسب هذا الرأي مع قلة وسائلهم

هذا مذهب بطليموس في هيئة الفلك وخلاصته ان كرة الارض قائمة في مركز الكون وان الشمس والقمر والنجوم السيارة وغير السيارة تدور حولها دورة كاملة كل يوم من الشرق إلى الغرب كما يظهر لعين الناظر

وقد يظن لأول وهلة ان الذين قالوا بهذا المذهب من علماء الفلك اليونان والرومان والعرب كانوا مثل العامة في هذا العصر الذين لم يدرسوا علم الفلك او لم يقفوا على تفاصيل المذهب الجديد الذي يجعل الشمس مركز النظام الشمسي ويثبت ان الارض والسيارات تدور حولها . وانهم كانوا مثل العامة بحسبون الشمس قرصاً صغيراً كراحتي اليد والقمر مثلها او اصغر قليلا والكواكب والنجوم نقطاً منيرة في الفلك . وليس الأمر كذلك بل ان جمهور المتعلمين منهم حتى رجال الادب كانوا يعلمون ان الشمس والقمر والنجوم كبيرة جدا لا كما ترى بالعين. قال ابو العلاء المعري

والنجم تستصغر الابصار صورته
والذنب للطرف لا للنجم في السفر

اما علماء الفلك فعرفوا ان الشمس والقمر والكواكب والنجوم كبيرة جدا قبل بطليموس وبعده ولم يكتفوا بهذا القول المجمل بانين اياه على الظن بل قاسوا اجرام الشمس والقمر والنجوم بطرق هندسية حسابية وعرفوا مقدارها بما يقرب من الحقيقة وقاسوا ايضاً ابعادها عن الارض وسعة الافلاك التي تدور فيها وشكلها. والنتائج التي وصلوا اليها مبنية على مقدمات صحيحة في الغالب ولم تأت مطابقة للواقع لأن آلات الرصد التي صنعوها لم تكن دقيقة