صفحة:بسائط علم الفلك وصور السماء (1923) - يعقوب صروف.pdf/20

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الرأي الحديد في الفلك

۱۲


قبيل ذلك واكتشف الاختلاف الثالث في حركة القمر . ومثل البتاني واولغ بك وغيرهم من الذين عنوا برصد الاجرام السموية وحسبوا ابعادها واقدارها وحفظوا مصباح المعارف مضيئاً زمناً طويلاً

وقد يظن لأول وهلة ان مذهب بطليموس بسيط جدا لانه مبني على حركات الاجرام السموية الظاهرة . والحقيقة انه مـقـد كل التعقيد لان لكل من الشمس والقمر والنجوم حركة اخرى غير الحركة الظاهرة حول الارض من الشرق إلى الغرب فاضطر بطليموس ان يعللها تعليلا ً خاصا بها وكافياً لتعليل نسبتها إلى غيرها لاسيما وان الاجرام السموية مختلفة الابعاد والاقدار كما تراه مبسوطاً في مقالة مسهبة نشرت في المجلد السادس من المقتطف موضوعها علم الهيئة القديم والحديث حتى يقال انه لما اطلع الفونسو ملك قشطيلة على رأي بطليموس اسف لان الخالق لم يستشرهُ وقتما خلق الكون ليشير عليه بنظام ابسط من هذا النظام وكان ذلك في اواخر القرن الخامس عشر

وفي نحو ذلك الوقت ولد كوبرنكس . ولما نشأ درس علم الطب واولع بالعلوم الرياضية واطّلع على ماعُرف من علم الفلك الى عهده فقال ان ما يظهر من حر حركة الشمس والقمر والنجوم اليومية حول الأرض من الشرق إلى الغرب يمكن تعليله بحركة الارض على محورها من الغرب إلى الشرق وبذلك ينتفي القول الذي لا يعقل وهو كون النجوم الثوابت على ابعاها الشاسعة واقدارها العظيمة تدور حول الارض دورة كاملة كل يوم على مر الايام والسنين . ثم اتصل من ذلك الى القول بان الارض والسيارات تدور حول الشمس . وعلم أن رأيهُ هـذا سيقابل بالمقاومة والتسفيه فاخفاه ستا وثلاثين سنة واخيراً اذن في نشره وكان ذلك سنة 1543 ورأى اول نسخة مطبوعة منه وهو محتضر على فراش الموت

و لقي مذهب كورنكس المقاومة التي قدرت له من رجال الدين ومن رجال العلم ايضاً ولم تعنُ لهُ الرؤُوس الا بعد ما صُنع التلسكوب . واعظم مؤيديهِ من جهة ومناقضيه من أخرى تيخو براهي . وكانت ولادتهُ بعد وفاة كوبر نكس بثلاث سنوات . وقد نشرنا هنا صورته وصورة المرصد الذي كان يرصد فيه ونشرنا ترجمتهُ في الجزء الحادي عشر من المجلد السادس والعشرين من المقتطف ، ثم قام كبلر وهو الواضع الحقيقي للنظام الجديد فانه اطّلع اولاً على مذهب كوبر نكس فاستصوبهُ