صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/38

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٢
بشير بين السلطان والعزيز

وقد حاطت بهم من كل فجٍ
عداة جُمعت للغزو جمعاً
فنادوا يا شهاب العصر أشرق
علينا واقمع الأخصام قمعاً
فلا الشهباء عادت مرتجانا
ولا الأعلى لنا سكناً ومرعى
وجرّد للإغاثة سيف عزمٍ
فريّ منه يخشى الصخر قطعاً
وأنزلهم أمير العصر أرضاً
جموع الخائفين إليها تسعى
حمى لبنان دار الأمن طودٌ
برقده العيون تصيب هجعاً
فأمسوا آمنين على صفاء
به روعوا خطوب الدهر روعاً1

البقاع أرض لبنانية: وخسر الكنج يوسف الدورة الأولى ولم يتمكن من فرض سلطته على البقاع كما أنبنا سابقاً واضطر أن يفر من وجه الشهابي الكبير وأن يلتجئ إلى مصر. وأدركه الطاعون فقضى فيها سنة ١٨١٤، وتولى بعده عدد من الولاة على دمشق ولم يشجعوا على إثارة قضية البقاع. وبعد أن تولى درويش باشا عليها نزعت نفسه إلى موارد البقاع فعيّن حسن آنا العبد والياً عليه وحضر هذا إلى عميق في السنة ١٨٢٠ ليجيبي أموالها فطرده أهلها. فقاتلهم ونهب مواشيهم وانطلق بها إلى دمشق وأخبر مولاه بما جرى فأمر هذا بالقبض على اللبنانيين الموجودين في دمشق. ولما بلغ الأمير اللبناني ذلك أمر أهل البقاع أن يرسلوا إلى الجبل وزحلة وعزم على إرسال عسكر إلى البقاع ولكنه آثر التريث قليلاً لعل والي دمشق يعود إلى رشده فيذعن للحق. وعندما أصر الوالي على موقفه من لبنان أرسل الشهابي الكبير ابنه خليلاً بعسكر إلى البقاع لطرد الوالي الشامي. ففر هذا بجماعته إلى دمشق وساق نجل الشهابي أكراداً وغيرهم إلى بتدين وسجنهم فيها2.

وكان سليمان باشا والي صيدا قد توفي في السنة ١٨١٩ وخلفه في الولاية شاب نزق غرار لم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر هو عبدالله باشا ابن علي باشا الخزندار. فوقع بينه وبين زميله في دمشق خلاف حاد حول الولاية. ذلك أن الوالي الشاب طمع بمنصب زميله بالإضافة إلى منصبه. وادعى زميله في دمشق أنه والي دمشق وطرابلس وصيدا وتأهب الاثنان للحرب والقتال3. فشعر والي دمشق بحاجته إلى لبنان وطلب إلى أحد خواصه أن يكتب إلى الشهابي الكبير يوضح رغبة وزير دمشق في الاتفاق معه. فأطلق الأمير اللبناني من كان


  1. دیوان نقولا الترك لفؤاد البستاني ص ٢٧٥-٢٧٦
  2. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥۱۹
  3. الروضة الغناء في دمشق الفيحاء لنعمان القساطلي ص ۸٥