صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/42

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٦
بشير بين السلطان والعزيز

كتب إلى اللبنانيين عموماً أن يكونوا في طاعة الأميرين الشهابيين حسن وسلمان. وبعـد وصوله إلى دمشق كتب إلى الشهابي الكبير يخبره أنه قدم بأمر الدولة لمساعدة درويش باشا على عبدالله باشا لخروج هذا الأخير من خاطر السلطان. ثم أمر الأمير بطاعة الدولة وبصرف العساكر وبالرجوع إلى محله وأرفق مرسومه هذا بنسخة من الفرمان السلطاني الذي تلقاه من الباب العالي1. فأذعن الأمير لأمر السلطان ونهض بعساكره إلى خان الشيخ وصرف رجاله ثم قام إلى مجدل شمس فبعذران الشوف فبتدين. وكان مصطفى باشا يقدر الشهابي الكبير حق قدره ويعلم أنه باستطاعته أن يحارب عساكر الوزراء الثلاثة أجمعين2. فحاول استمالته وعرض عليه البقاء في الحكم لقاء أداء الطاعة بشخصه لدرويش باشا وإبقاء أحد أولاده أو أحفاده رهناً فلم يقبل الأمير بذلك. ثم عرض عليه إرسال أحد أولاده أو أحفاده رهناً دون مقابلة درويش باشا فأبى مرة ثانية. وتم الاتفاق بين مصطفى باشا وبين الشهابي الكبير على عزل الأميرين حسن وسلمان وتولية عباس لقاء ألف ألف غرش من الشيخ بشير جنبلاط وإبقاء أحد أولاد هذا الشيخ رهناً عند درويش باشا وذلك للحيلولة دون وصول الحرب اليزبكي إلى الحكم في لبنان3.

ورأى عبدالله باشا أن يقيم الشهابي الكبير في بيروت لتفكيك الأهـالي وأضاف المعارضة في لبنان وأصدر أمره بذلك إلى متسلم بيروت وأعيانها4. فقام الأمير اللبناني بأولاده وألف نفر إلى بيروت ونزل في حريع الصنوبر خارجها. فخرج إليه متسلمها خليل كاشف ومفتيها الشيخ عبد اللطيف فتح الله ونائب الشرع فيها الشيخ أحمد الأغر ورحبوا به ترحيباً ثم أشاروا إلى عصاوة عبدالله باشا ورجوا الأمير ألا يدخل البلد. فعاد عنها إلى الدامور ومنها إلى مصر كما أبنا سابقاً5.

وحذت حذو بيروت جميع مدن الساحل. ففي طرابلس ونواحيها أعلن علي بك الأسعد


  1. وقد حفظ الأمير حيدر أحمد المؤرخ صورة هذا الفرمان: ج ۳ ص ٧۱۸-۷۱۹
    أطلب أيضاً أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥۳۲
  2. لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۳ ص ٧٢٤ أسفل
  3. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق من ٥٣٣
  4. عبدالله باشا إلى محمد علي باشا ١٨ ذي القعدة ١٢٣٧: المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٣٤ - ٣٥
  5. «حيث أهالي بيروت لا يرضون تملك أهالي الجبل على بلدهم» الأمير حيدر أحمد الشهابي. لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۳ ص ۷۲٥