صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/101

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١٥
الفصل الرابع عشر: الجلاء

ثم عاد فكتب أنه منح رتبة الميرالية إلى كل من نعمان جنبلاط ونصيف أبي نكد وخطار العماد وعبد السلام العماد وأنه عينهم في مناصب في لبنان وسلمهم نياشينهم وإرسلهم إلى صوب السرعسكر1. ولكنه عندما علم بفاجعة عكة حوالي التاسع من تشرين الثاني كتب إلى إبراهيم يفيد أن البقاء في بر الشام سيتعذر عليه بعد سقوط عكة ولذا فانه يأمره بجمع العساكر وبالعودة بهم إلى مصر2.

وأبدى العزيز لمناسبة سقوط عـكة وارتداد الشهابي الكبير قبل ذلك رباطة جأش ورجاحة عقل لا نجدهما إلا في صدور أفذاذ الرجال، فقد قال رحمه الله في أواخر تشرين الأول إلى قنصل فرنسة العام المسير كوشله مشيراً إلى تخلي الشهابي الكبير كلاماً أثار إعجاب القنصل. فهذا يقول في تقرير له أن العزيز ذكر بشيراً دون ألم أو قـدح وحاول أن يرفع عنه اللوم فيا صنع رافضاً أن ينسب إليه أية خيانة مرجعاً ارتداده إلى الظروف القاهرة. وقال إلى كوشله نفسه في التاسع من تشرين الثاني ولمناسبة سقوط عكة: لقد ارتكبنا الغلط في بر الشام ولكننا رفعنا المظالم ولا يوجد اليوم أية سلطة قادرة على ضبط الأحكام في هذا القطر. وقد يعود الشوام إلي إذا سمح الظرف بذلك. لقد أحييت الزراعة والتجارة في بر الشام واحترمت جميع الملل والأديان ورفعت العوائد عن كاهل النصارى، وقد لا يمضي وقت قصير حتى يضيع كل هذا3.

فرنسة والدول: وقامت فرنسة وقعدت حكومة وشعباً عندما علمت بعزل العزيز من منصبه وبضرب بيروت وتهديها فتدنت أسعار البورصة وتغنى الفرنساويون بالمارسياز في الأندية والباحات ونادى الرعاع بالحرب قائلين لقد أخذ الإنكليز بيروتنا!4 وحَرِب تيير واشتد غضبه فسطَّر في الثامن من تشرين الأول مذكرته الشهيرة إلى زميله الفيكونت بالمرستون مؤكداً فيها ضرورة بقاء العزيز في منصبه للمحافظة على التوازن الدولي تاركاً تعيين الحد الفاصل بين ممتلكاته وبين ممتلكات سيده وسلطانه في بر الشام إلى الحرب القائمة فيها5. وعرض الوزير البريطاني محتويات هذه المذكرة على زملائه الوزراء في جلسة


  1. المحفوظات الملكية المصرية ج ٤ ص ٤٧٠ و٤٧٢-٤٧٣
  2. المرجع نفسه ج ٤ ص ٤٧٣
  3. كوشله إلى تيير: مجموعة إدوار دریو مصر وأوروبة ج ٣ ص ٤٠٦ - ٤٠٧ وج ٤ ص ٤٢ و٤٤
  4. المسالة الشرقية للفيكونت ده غويسّن ص ۳۸۲-۳۸۳ و٢۹٥-٣٩٦
  5. نيير إلى غيزو - الكتاب الأزرق البريطاني ج ۲ ص ۲۷۰-۲۷۲