صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/6

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۲۰
بشير بين السلطان والعزيز

القديمة بيد أصحابها وجعل المستجد منها قيد الدرس ثم منع المحاكم الشرعية عن تصديق بيع المالكانات السباهية وشرائها قبل استشارة عماله وذهب إلى أبعد من هذا فمنع القضاة عن اتخاذ أي قرار شرعي في توجيه المقاطعات والزعامات والتيمارات وعن الاتصال في مثل هذه الأمور بالآستانة قبل موافقة الحكمدار محمد شريف بك1. فخشي أصحاب هذه الإقطاعات سوء العاقبة وظنوا أن العزيز يرمي إلى الاستئثار بموارد رزقهم كما سبق له أن فعل في مصر في بدء عهده. وكان العزيز يثير في الوقت نفسه (۱۸۳۳) مخاوف أصحاب الأوقاف القديمـة والحديثة فأمر الشيخ صالح التميمي في القدس مثلاً أن يبرز أوراقه ومستنداته ليثبت حق آل التميمي بوقف تميم الداري صاحب الرسول2. وهلم جرا.

٣ - الشغب في فلسطين: وكانت ظروف الفتح قد قضت بتقسيم المناصب السياسية في فلسطين وتوزيعها على الوجه التالي: بلدة نابلس وبلاد المشاريق في عهـدة الشيخ محمد قاسم وبلاد جبل نابلس في عهدة الشيخ محمود عبد الهادي والشيخ يوسف بن قاسم الأحمد والشيخ عبدالله الجرار والشيخ يوسف والشيخ عبد الوهاب الجيوسي. ثم أجريت بعض التعديلات فعين الشيخ حسين عبد الهادي مديراً على إيالة صيدا وجعل أخوه الشيخ محمود متسلماً على يافة وابنه الشيخ سليمان متسلماً على جنين. وصار الشيخ قاسم الأحمد متسلماً على القدس وابنه الشيخ محمد متسلماً على نابلس ومشاريقها وابنه الثاني الشيخ يوسف متسلماً على جماعين فتساوى الفريقان الكبيران بالغنم وعمّ الهدوء البلاد بأسرها. ولكن آل عبدالهادي طمعوا بمتسلمية نابلس لتوطيد مركزهم فيها فاستحصلوا على أمر من الحكمدار محمد شريف في أوائل تشرين الأول السنة ١٨٣٣ بتنحية الشيخ قاسم من متسلمية القدس «نظراً لتقدمه في السن» وبتحويلها إلى عهدة ابنه الشيخ محمد القاسم. فشغرت متسلمية نابلس وأحيلت إلى عهدة الشيخ سليمان عبد الهادي ابن الشيخ حسين المشار إليه آنفاً3. فثار ثائر آل القاسم واستشاطوا غيظاً وقاموا يبثون روح التمرد والعصيان. ولدى عودة الشيخ محمد القاسم من الحج في أوائل السنة ١٢٥٠ (١٨٣٤) عقدوا اجتماعاً في بيت وزن حضره أكثر شيوخ البلاد الساخطين منهم الشيخ عبدالله الجرار والشيخ عيسى البرقاوي والشيخ ناصر المنصور والشيخ عيسى القدومي فاتفقوا على التمرد ولكن الشيخ عيسى القدومي نصحهم بعدم اللجوء


  1. المحفوظات أيضاً ج ٢ ص ٣٦٣ و۳۹۰ و۳۹۲ و٤٠١
  2. المحفوظات ج ۲ ص ٣٨٥
  3. تجد النصوص اللازمة في تاريخ جبل نابلس لإحسان النمر ص ۲٥۰-۲٥۲