کتاب حيات " 4 شاعت تراجم الأدباء أنفسهم في الآداب العصرية ، واشتهرت منها أساليب مختلفة بين الغربيين والشرقيين : منها أسلوب الاعترافات وأسلوب القصة ، وأسلوب التاريخ وهو أشبعها بينا نحن الشرقيين . أما في الغرب فالتراجم التي يكتبها أصحابها في صيغة الاعترافات مفضلة على الترجمة القصصية والترجمة التاريخية . لأن هذه الأعترافات الأدبية متخلفة عندهم عن الاعترافات الدينية التي ألفوها مئات السنين في ظل الكنيسة الكاثوليكية ، ولأنهم قد سبقونا زمنا الى العلنية الاجتماعية ولا نزال نحن في الشرق تؤثر الوقار على الصراحة المطلقة عند مخاطبة « الجمهرة » القارئة او السامعة . على هذه السنة الشرقية ظهر كتاب زميلنا العالم الأديب الجليل الدكتور أحمد أمين بك الذي سماه « حیاتی » وجعله تاريخا لحياته العملية ، وهي حياة مباركة جديرة بالتاريخ ، لأنها حياة تهيأ لها من تجارب عصرها مالم يتهيأ لحياة الأكثرين من كتابنا وأدبائنا فعرف صاحبها نشأة المدرسة العصرية ونشأة المدرسة الفلسفية وتعلم على الشيوخ الأزهريين والشيوخ « المطر بشين » وشيوخ دار العلوم و اختبر التعليم والقضاء ، وشارك في أدب الغرب وأدب العرب وعاصر نهضة الاستقلال و نهضة التجديد . وساح في البلاد الشرقية والأوربية و تقلب بين العسر واليسر والصحة والمرض ووعي من حقائق جيله ما يحفظ ويستفاد في المقابلة بين أجيال العصر الحديث وليس في وسع مؤلف بالبداهة کتاب موجز أو مفصل ، وقد يكون الاكتفاء بالأهم الأهم من تلك و - أن يحصى وقائع حياته كلها في ۲۱
صفحة:بين الكتب والناس (1952) - العقاد.pdf/27
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.