صفحة:بين الكتب والناس (1952) - العقاد.pdf/58

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لسنا في عصر الجامعات !



أجملنا في مقال الأسبوع الماضي بيان الدعوات الى جامعات الأمم في هذا العمر ، وهي الجامعات الأسيوية والاسلامية والعربية والطورانية والسلافية والجرمانية والأوربية والأمريكية ورأينا أن الفكرة في هذه الدعوات تبدأ بالثقافة أو العقيدة ثم يستخدمها الساسة لتعليب دولة على دول أخرى تجمع بينها روابط العنصر أو الدين أو الوحدة الاقليمية . تسع دعوات الى تسع جامعات في عصر واحد . ألا يدل ذلك على أننا في الجامعات ? اتا أما الدلالة الظاهرة فنعم وأما الدلالة الباطنة ، أو الدلالة الصحيحة . فلا ويكفي للتحقق من ذلك أن هذه الدعوات تحاول استئناف حالة ماضية، وأنها على الرغم من اتساع نطاقها وشدة الالحاح فيها لم تسفر عن قيام دولة واحدة من الدول المتحدة أو الاتحادية ، وليس في طلائع المستقبل مايؤذن بنجاح لها أعظم من النجاح الذي أصابته في هذه الأيام وما قبلها لقد كانت الجامعات فيما مضى حقيقة قائمة بغير حاجة إلى دعوة أو تبشير بفكرة ، فظهرت في التاريخ الدولة الاسلامية كما ظهرت الامبراطورية المسيحية المقدسة، ودان الناس فيها السلطان واحد وعاصمة واحدة وكانت مرحلة من مراحل التاريخ قبل مرحلة الوطنية . ولم نعهد في التاريخ الانساني أنه يعود الى مرحلة تخطاها . نعم أن الحوادث التاريخية تكرر وتتشابه وهو مايعبرون عنه بقولهم : أن التاريخ يعيد نفسه . . + . ۵۲