صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/139

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اجتماعي سياسي هو أيضا منقول عن كتب الغرب بينه الغث والسمين فينشرون آداب الفرنج دون الاحتياط اللازم إذ ليس كل أحوال أوربة تصلح لأهل الشرق وأما الكتب العلمية فإنه قليلة الرواج بين العموم ما عدا بعض التآليف التاريخية القريبة المنال غير الواسعة الجامعة. على أن هناك المجلات لاسيما التي ينشئها أهل الشام كالمقتطف والهلال لا تستنكف على الفصول العلمية الراقية. والمقالات الاجتماعية والفلسفية لولا بعض تطرف في الآراء. أما العلوم الدينية فهي محصورة بالعلوم الإسلامية التي أخذ البعض في انتقادها دون التحرز الكافي والاعتدال المرغوب. وتتعاطى الإرساليات الأميركية الأبحاث الدينية المسيحية تشوبها مسحة من الآراء البروتستانية.

أما (السودان) فلا تكاد تفيد شيئا الآداب العربية لقلة عناية أهلها بأمور العقل. وإنما أنشئت في الخرطوم مطابع لنشر بعض الجرائد وتآليف بسيطة.

ويجاري (القطر السوري) وادي النيل في مساعيه المشكورة لخدمة الآداب العربية. ففيه (المدارس العليا والثانوية والابتدائية) لا تكاد تخلو من بعضها ناحية من بلاد الشام. ففي بيروت ودمشق الجامعات الكبرى للعلوم الطبيعية والهندسة والطب والحقوق. وفيهما أيضا كما في صيداء وطرابلس وحلب وزحلة والبترون وجبيل وجونية ودير القمر مدارس ثانوية بعضها للذكور وبعضها للإناث. أما المدارس الابتدائية فلا يضمها إحصاء في كل قرى الجبل وكافة سورية وذلك بفضل الانتداب الفرنساوي الذي يبذل المجهود في تعميم التعليم. وقد يقوم بهذه المهنة الشريفة رجال من ذوي المقدرة منهم رهبان ومنهم علمانيون. وكذلك مدارس البنات تتولاها بعض المعلمات العلمانيات وبالأخص راهبات من جماعات رهبانية مختلفة كراهبات المحبة وراهبات قلبي يسوع ومريم وراهبات مار يوسف وراهبات الناصرة وراهبات العائلة المقدسة والمارونيات وراهبات بيزنسون. على أن بعض مدارس الذكور الابتدائية تحتاج إلى مراقبة وحسن تدبير. ولذلك فكرت الحكومة في فتح دار للمعلمين يتخرجون فيها لإدارة المدارس. وللآباء اليسوعيين في تعنايل دار من هذا الصنف أتت بثمار طيبة.

وسورية غنية أيضا (بالمطابع) التي قد تعددت في المدن والقرى معظم شغلها في نشر الجرائد والمجلات التي تنيف على المائتين. أخصها في المدن لا سيما في بيروت ودمشق وحلب وطرابلس وصيداء وحمص وحماة لا تخلو منها نواحي الجبل وقراها