اليه تقضي بسفره حالاً ، ولكن كيف يسافر وهو طامع بولاية مصر ، وكان الحصول عليها ، والفوز بها كل ما يشغله ، ويسعى لادراكه.
وأخيراً، وبعد طويل أخذ ورد، وافقت حكومة الاستانة يوم ٦ آب (أغسطس) سنة ١٨٠٦ على تعيينه والياً لمصر وأطلقت يده فيها. وقد لا يبعد أنه وعدها، قبل تعيينه، بأن بعيد اليها بلاد العرب، فقد كان حولاً قلباً، ووصولاً ماهراً، يؤيد ذلك انه ما كاد يستقر به المقام حتى تلقى الأمر من الاستانة، بأن بعد حملة يرسلها الى الحجاز ( سنة ۱۸۰۷)، فاعتذر بعدم وجود الاستقرار في البلاد وبعداوة المماليك لحكومته وتربصهم بها الدوائر، ولذلك فلا يستطيع ارسال قواه الى الخارج لثلا يثوروا عليه.
وأمهلته سنة واحدة، ثم عادت فألحت عليه بارسال الحملة التي وعد بها، فعاد الى الاعتذار بعدم الاستقرار وبالخوف من وثبة يثبها المماليك عليه وعلى حكومته فيودون بها.
وعادت فجددت التكليف في السنة الثالثة، مقروناً بالمزيد من الالحاح، فكرر الاعتذار وقال ان النضال لا يزال دائراً بينه وبين خصومه، وانه لا يستطيع ترك البلاد بدون حامية قوية تحميها.
وتكرر التكليف ايضاً، وتكرر الاعتذار. على ان حكومة الاستانة أبلغته سنة ١٢٢٥ بأنها لن تقبل له عذراً، وأنها لن تجد سواه لهذه المهمة يستطيع النهوض بها. والواقع أن الثقة كادت تكون مفقودة بين الفريقين، وربما كانت تريد التخلص منه بعد ان ماطلها هذه المماطلة، بانتدابه لهذه المهمة الصعبة، المفعمة بالاخطار، فاذا خاب او فشل، تستبدله بأحد رجالها وتكون صفقتها الرابحة.