صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/107

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أن الملة الحقة عاقلة وأن العاقل يتوخى الخير بالضرورة . فالله روح عاقل محرك منظم جميـل خير عادل كامل بسيط لا تنوع فيه ، ثابت لا يتغير ، صادق لا يكذب ، ولا يتشكل أشكالاً مختلفة كما صوره هوميروس ومن حذا حذره من الشعراء . وهو كله في حاضر مستمر ، فإن أقسام الزمان لا تلائم إلا المحسوس ، ونحن حينما نطلق المـاني والمستقبل على الجوهر الدائم فتقول كان وسيكون ندل على أننا نجهل طبيعته ، إذ لا يلائمه سوى الحاضر . وهو معنى بالعالم بخلاف ما يدعيه السوفسطائيون محتجين بنجاح الأشرار ، فإن الله إن كان لا يعنى بسيرتنا فذلك إما لأنه عاجز عن ضبط الأشياء وهذا محال ، وإما لأن السيرة الإنسانية أتفه عنده من أن تستحق عنايته وهذا محال كذلك لأن كل صانع يعلم أن الأجزاء شأنها في المجموع فيعنى بها فهل يكون الله أقل عليا من الانسان ؟ إن ساعة الأشرار آتية لا محالة ، هذا عن الشر الخاق . أما الشر الطبيعي فما هو في ذاته إلا نقص في الوجود أو خير أقل ؛ هو ضد يتميز به الخير كما يتميز الصدق بالكذب ، لم يرده الله بلى سمح به فداء للخير الفائض على العالم ، و يستحيل أن يكون العالم المصنوع خيراً محضاً فيشابه نموذجه الدائم ، هو إذن ناقص ولكنه أحسن عالم ممكن . وعناية الله تشمل الكليات والجزئيات أيضاً بالقدر الذي يتفق مع الكليات ، ونحن نرى الطبيب يراعي الكل قبل الجزء ، والفنان يدير أفعاله على مقتضى الغاية و يرمي إلى أعظم كمال ممكن للكل فيصنع الجزء لأجـل الكل لا الكل لأجل الجزء ، كذلك حال الصانع الأكبر ، فإن تذمر الانسان فلانه يجهل أن خيره الخاص يتعلق به وبالكل منا على مقتضى قوانين الكل ، فوجود الله وكماله وعنايتـه حقائق لا ريب فيها ا .. (1) الجمهورية م ٢ ص ۳۷۹ (4) تمارس س ۳۷ ( ه )