صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/109

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الصانع خيراً والخير بريئاً من الحسد فقد أراد أن تحدث الأشياء شبيهة به على قدر الإمكان ؛ فرأى أن السائل أجمل من غير العاقل ، وأن العقل لا يوجد إلا في النفس ؛ فصور العالم كائناً حيا عاقلاً لا على مثال شيء حادث بل على مثال « الحي بالذات (1) أجمل الأحياء المعقولة الحاوى في ذاته . جميع هذه الأحياء { كما أن العالم يحوى جميع الأحياء التي من نوعه . فالعالم واحد لأن صانعه واحد ونموذجه واحـد ، وهو كل محدود ليس خارجه ما يؤثر فيه ويفسده فلا تصيبه شيخوخة ولا مرض ، وهو كروى لأن الدائرة أكمل الأشكال ، متجانس يدور على نفسه في مكانه . أما نفسه فهي سابقة على الجسم صنعها | ل من الجوهي الإلهي البسيط والجوهر الطبيعي المنقسم ومزاج من الاثنين » ؛ فكانت غلافاً مستديراً للعالم تحويه من كل جانب ، وتتحرك حركة دائرية وتحرك الباقي ، وتدرك المحسوس المنقسم والمعقول البسيط ، وتنفعل بالمرور والحزن والخوف والرجاء والمحبة والكراهية ، وتملك أن تخالف قانون العقل فتصير شريرة حناء ا . 4 ا وتضطرب حركتها فتنزل النكبات بالعالم . وأما جسم العالم فلما شرع الله يركبه أخذ ناراً ليجعله مرئيا ، وتراباً ليجعله ملموساً ، ووضع الماء والهواء في الوسط (۲) . غير أن هذه العناصر لم تكن كذلك منذ البدء ، و إنما كان العالم في الأصل « مادة رخوة » أي غير معينة ، غامضة لا تدرك في ذاتها بل بالاستدلال ، كل ما نعقله عنها أنها موضوع التغير أو السكان والمحل الذي تحصل فيه الصور المعينة ، لأنه إذا كان الأصل معيناً وكانت له صورة ذاتية فليس يفهم التغير الذاتي . وعلى ذلك فليست العناصر مبادىء الأشياء لأنها معينة من جهة ، ، ولأنها من جهة أخرى تتحول بعضها إلى بعض ، فيدلنا هذا التحول على أنها صور مختلفة (1) علبقاً لنظرية المثل ولأن كل صانع إنما يحتذى مثالا . (۲) تیلوس ص ۲۷ (د) -۳۴ (ج)