صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/123

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۱۷ - كلا ، بل إن حياته مخيفة تعسة فإن جزء النفس الذي تقوم فيه الشهوة لا يعرف القصد ولكنه يميل بالطبع إلى الإسراف ، ولما كان الانتهاء ألما من الحرمان كان إنماء الشهوات لأجل إرضائها عبارة عن تعهد آلام في النفس لا تهدأ ، وكانت حياة الشهوة موتاً متكررا ، مثلها مثل الان المتقوب تصب فيه فلا يمتلىء ، أو مثل الأجرب لا يفتأ يحس حاجته لك جلده فيحك بقوة فتزيد حاجته و يقضى حياته في هذا العذاب ، أو مثل مدينة رعاعها هائجة مائجة ، أو مثل مسخ متعدد الرؤوس ، وسبع جائع تمزقه الشهوات وتتغذى بلحمه ودمه وهو لا يملك نكا كا بعد أن ارتمى بين أيديها عبدا وضحية . هذا المخلوق لا يمكن أن يحبه الناس ولا ترضى الآلهة عنه ، بل لا تمكن معاشرته فلا يذوق لذة الصداقة ، فهو شقي للغاية ، والدولة التي يحكمها أشقى الدول .

. . فلا تقل إن السعادة تقوم في الشهوة القوية وفى الاذة بالإطلاق ، ولكن قل إن الإنسان أسعد في النظام منه في الإسراف . ولو اتبعنا حساب أصحاب اللذة بشرط أن نضبط الحساب لوجدنا أن الحياة الفاضلة هي أيضا ألت حياة ، تمتاز بخفة الانفعال وضعف اللذة والألم والسكن اللذة فيها أغاب وأدوم في حين أن الألم أغلب وأدوم في حياة الرذيلة . فالقائلون باللذة لا يقدرون مرمى قولهم ولا يدرون ما يريدون : يطلبون السعادة وفق الطبيعة ، فتنكل بهم الطبيعة شر تشكيل ، وتؤيد القانون الذي يسخرون منه . وما ذلك إلا لأن القانون مستخرج من الطبيعة مفهومة على حقيقتها ، وهي تضطر الناظر في السيرة الإنسانية أن يعدل عن اللذة إلى المنفعة ، وأن يحكم على الأولى بالثانية ، فيقر أن من اللذات ما هو حسن أي نافع ، وما هو ردى أي ضار ، وأن من الآلام ما هو حسن نافع كتعاطى الدواء وتحمل العلاج ، وما هو ردي ضار ، وأن اللذات والآلام الحسنة هي التي تطلب ، واللذات والآلام الرديئة هي التي تجتنب ، وأن