صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/126

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

غير منتصر بالعادل المصائب ويتهم كذبا ويجلد ويعذب ويوثق بالأغلال وتكوى عيناه و يعلق على صليب وهو سعيد بعدالته ؛ أما الطاغية الذي ينكل بالناس وأما السياسي الذي يوقع بخصومه فكلاهما شقى حقيق بالرثاء لأن الظلم أعظم الشرور . وليست للسألة بيننا وبين السوفسطائيين إن كان الظالم منتصراً دائما أم : ولكن إن كان سعيدا أم شقيا ، وقد أوردنا لها حلا أولا لما خاطبناهم بلغتهم وجادلناهم من وجهتهم فبينا أنه تمس معذب في جسمه وشعوره ، والآن وقد عرفنا النفس والفضيلة نستطيع أن نسلم لهم جدلاً بأنه موفق هانيء في ظلمه وتؤكد مع ذلك أنه شقي غاية الشقاء لأنه ظالم ، وأن العادل سعيد لأنه عادل ، بل تتحداهم مرة أخرى ونذهب إلى أن الظالم أشقى إن لم يكفر عن آلامه ، ومعنى التكفير تحمل القصاص العادل ، وكل ما هو عادل فهو جميل فتحمل القصاص جميل ، وهو خير يستقيم به النظام وتخلص به النفس من شرها الذي هو أعظم النفس . وكما أن علاج الطبيب مفيد ولو لم يكن مستحبا وأن السعادة الكبرى للجسم أن لا يمرض أبدأ و يليها أن يشفيه الطب إذا مرض ، فإن أسعد الناس البرىء من الشر ويليه الذي يشفى من شره . أما الذي يحتفظ بشره فأشقى الناس لا يدرى أن مصاحبة الجسم المريض لا تعـد شيئاً مذكورا بالقياس إلى مصاحبة النفس المريضة . وكما أن المريض يسعى إلى الطبيب و يتحمل الكي والشق ، كذلك يجب على الخاطىء أن يسعى إلى القاضي بنفسه فيعترف بخطيئته ولا يكتمها في صدره ، ويطلب العقاب ولا يتهرب منه ، فإن استحق الجلد قدم جسمه للسوط أو استحق الغرامة أداها أو التقى رحل عن وطنه أوالموت تجرعه ، فإن التكفير أفضل الخيرات بعد البر . . « هذي حقائق قائمة على أدلة من حديد وماس » من يعلمها بأدتها ومراميها يأت الخير حتما من حيث أن الإنسان يطلب الخير بالضرورة و يستحيل عليـه أن يؤثر الشر علمه بالخير علماً صحيحاً . أما الذي مع الشرور