صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/128

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ويتجه الحب أول ما يتجه إلى جمال الأجسام والأشكال . عند هذا الجمال يقف الأكثرون ظانين أنه الغاية ، ولكن النفس الحكيمة تدرك أنه زائف زائل لا يبرد شوقها ولا ينضب معين حبها ، فتجاوز هذا الوهم ، وتدرك أن الجمال المتحقق في جسم هو أخ للجال المتحقق في سائر الأجسام ، وأن الحالات الجسمية أشباه بعيدة الجمال واحد بعينه يحويها في وحدته هو مثال الجمال المحسوس فتخلص النفس من التعلق بواحد وتمد إعجابها ومحبتها إلى الجمال الحسى أينما تألق لعينيها . ثم تدرك أن ما يحب في الأجسام إنما هي صفاتها ، وأن هذه الصفات فائضة عليها من النفس مصدر حياتها ، فترتفع من المعلول إلى الملة وتنفذ إلى النفس ، تنفذ إليها مهما كان غلافها دميا لعلمها أن النفس جميلة في ذاتها فتتعلق بها . ثم تعلم أن النفوس مشتركة في جمال واحد هو الجمال المعنوى ، فتصد من جمال النفوس إلى جمال الفنون ، فإلى جمال العلوم النظرية ، ولا تزال تعمد من علم إلى علم حتى تبلغ إلى الجمال كله ، فتقف متأملة وتتهيأ بهذا التأمل إلى مشاهدة الجمال للطلق غير المخلوق وغير القاني ، لا يزيد ولا ينقص ولا يتغير بحال ، الجمال بالذات الذي يحب لذاته ، من يشاهده يتعلق به ويخلد فيه . إن ما يعطى قيمة لهذه الحياة إنما هي مشاهدة الجمال السرمدي نقيا لا تشوبه شائبة ، بسيطاً لا تغطيه أشكال وألوان مصيرها إلى الفناء . -- هذي مراحل الحب يقطعها في { t البحث عن ضالته وشفاء لغليله فهو واسطة ومساعد يحفز النفس إلى الكمال . ويهيج فيها الذكرى القديمة : ذكرى المثل والحياة السماوية الأولى ، ذكرى الفردوس للغقود تحن إليه بكل جوارحها . فالمحب الحقيقي الكامل ( الأفلاطوني ) هو الفيلسوف يزدرى الجمال الزائل الذي يملأ النفس جنونا ليتعلق بالجمال الدائم (). ح - انظر الآن إلى أفلاطون يصور هذا المحب الكامل والحكيم العادل (۱) • المأدبة ، ص ۲۰۱ ( ه ) – ۲۱۲ ( ج ) . ²