صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/129

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

رجلا حيا يشعر و يعقل ويتكام : هذا الرجل هو سقراط في سجنه وقد دنا أجله . ليس يكفي القول في وصف حاله أنه لا يخشى الموت أو أنه ينتظره بشجاعة فهو مغتبط به أشد اغتباط ، هو يعلم أننا ملك الآلهة وأن الانتحار انتقاض على إرادتهم ، ولكنه يرحب بالموت يأتى على يد غيره ، لأن الفيلسوف يحس الشوق إلى الإلميات ، و يحس ثقل الجسم يعوقه عن اللحاق بها ، فالموت خلاص النفس و بداية حياة جديدة مع الآلهة . والفيلسوف الحق يجتهد ساعة فساعة أن يعيش في هذه الدنيا العيشة الروحية التي يشتهيها ، وأن يتعجل الحياة الأخرى بمارسة العفة بمعناها الأسمى ، وهو الرغبـة عن اللذة والتجرد من الجسم والمران على الموت ، فيبلى جسمه و يصفيه من المادة بقدر الاستطاعة ، لأنه يعلم أن سعادته في التشبه بالله ! (1) (۱) « ندون » می ٦٩ ( ج ) --- ٦٨ ( ج ) ، وقد رسم أفلاطون في - فيلابوس » وهي متأخرة عن المحاورات التي ذكرناها في هـذا الفصل ) صورة لحياة و معتدلة ، يقول بعض مؤرخ الفلسفة : إنه ترفق فيهـا وعرف للذة حقها ، فتخ بهذه الصورة تلك الحياة ه العلوية ، التي وصفاما . وعندنا أن هذا التعارض ظاهي يرفع باعتبار الحياة الطوية مثلا أعلى يطمح إليه ويهندى ، إلى أن يتحقق ، واعتبار الحياة الحفلا ضرورة راهنة خاضة لأختها . فإن اللذة في « قبلابوس ، مأخوذة بمعنى واسع يشمل الاغتباط بالحكمة والفضيلة ، أما اللذة الحسبة فموصوفة بأنها خداعة تمنى النفس يا كثر ماتعطيها ، من مجروراءها يحي حياة كئيبة ، وليست اللذة شيئا معيناً ، ولكنها حركة في النفس تتعين بموضوعها ، فإن كان الموضوع خيرا يكمل النفس كانت هي خيراً ، ولكنها خير بالاضافة وأدنى الخيرات جميعا ، فلك يؤلف أفلاطون منهاج الحياة المعتدلة أولا من كل ما هو حكمة : الجدل والسلوم والفنون فالظنون الصادقة في الحياة العملية . وثانيا من النات التي تصاحب الفضيلة . فهو باق على عهده أمين النظرية المثل ، أراد أن يرضي نزوعه إلى التوفيق وتأليف الأمزجة ولم يغير شيئاً من مذهبه ، والتشبه بالله ما يزال الغاية في « القوانين » ، يؤكدها بكل قرة ( ص ٧١٦) .