صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/132

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والمحاكاة المتصلة تصير عادة ، فتلقين الحراس القصص القديمة يفسـد طبيعتهم . فنحن مع إعجابنا بمحاسن هذا الشعر تنعته بأنه مسلم وهم ، وتعمد إلى صاحبه فتضع إكليلا على رأسه ونشيعه إلى حدود المدينة فتنفيه منها ونحن نترنم بمدينه . ولا تستبقى غير الشاعر عف اللسان سديد الرأى هادى" النسق يحاكي الخير ليس إلا (1) . { وينتقل أفلاطون من الشعر الهوميري إلى الفن بالإجمال" ويتحامل عليه ويتعسف في نقده ، فهو لا يرى الفن شيئا أولا له قيمة في ذاته ، واسكنه يضعه في المرتبة الثالثة بعد المثال أو الوجود الحق ، و بعد صورته المحسوسة المتحققة في الطبيعة ، فإن الفن يحاكي الوجود الطبيعي ، وهـذا الوجود يحاكي المثال ، فالفن صورة الصورة وشبح الشبح : يصنع النجار السرير محاكياً مثال السرير و يصور المصور سرير النجار ، فهو ليس حاصلاً على العلم الحق الذي موضوعه المثال أو الشيء بالذات ولا على الظن الصادق ، وإنما هو جاهل مخادع يأخذ على قـه محاكاة الأشياء الطبيعية فيبرزها مشوهة في غير نسبها الحقيقية من حيث المقدار والشكل ، ولكنه لا يخدع إلا عن بعد ، ولا يخدع إلا الجهلاء . كذلك قل في الشاعر ، فإنه لو كان يعلم حقا ما يتظاهر بعلمه لكان يعمل بدل أن يقول .. لكان يقود الجيوش أو يشرع القوانين ، وهوميروس لم يفعل شيئاً من ذلك ا ولكان يؤثر أن يحيا حياة مجيدة ، وهوميروس ارتضى لنفسه أن يكون قصاصاً للحياة المجيدة وراوية . فالفن بالإجمال أداة إيهام وتخييل ، والشـعر دجل كالتصوير إذا نزعت عنه . والتوقيع بدا شاحباً فقيراً ، وهو يستطيب وصف العواطف وهي منقلبة متنوعة ، ولا يجد له موضوعا في العقل الثابت الهادئ (1) الجمهورية م ۲ و ۳ . ا &