صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/133

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۲۷ فيهيج العواطف و يشل المقل ، مثله مثل طاغية يقلد الساطة للأشرار ، ويضطهد الأخيار ، فإنه يوحى العطف على أفعال وانفعالات رديئة ، ويضعف إشرافنا على الجزء الشهري من النفس فيحرك فينا البكاء تارة والضحك طورا ، ويدفعنا ونحن | نشهد التمثيل إلى استحسان ما تفكر في الحياة الحقيقية و إلى التصفيق لا تذب له في الواقع . والتراجيديون لا يرمون اغير إحراز إعجاب الجمهور ، والجمهور لا يميل الأشخاص الحكماء الرزينين ؛ بل يطلب أشخاصاً شهريين متقلبين علأ تقلباتهم وشهواتهم القصة فيلهو بها ويميل معها إلى كل جانب ، وأما الكوميديا فهي رديئة بالذات تضحك من إخواننا في الإنسانية ، وتنمي حاجة المزاح والسخرية ، و إذن فعلى الشارع أن يراقب جميع مظاهر الفن وجميع الفنانين من شعراء ومغنين وممثلين ومصورين وغيرهم ، فيخلق بيئة كلها جمال سليم رزين ، وينشى مواطنين كاملين يتوجهون إلى الفضائل عفوا ، ويصون نفوسهم من كل خدش ؛ إذ ليست الغاية من الفن توفير اللذة بل التهذيب والتطهير . t ولا شك أن وضع أفلاطون الفن في المرتبة الثالثة بعد المثال وشبحه المحسوس تحامل وتصف ، وكان المعقول أن يساوى بين الفنانين والصناع فيعترف للأولين أنهم يحاكون المثل مباشرة كما يحاكيها الآخرون ، ولكنها حماسة الحرب دفعته إلى المغالاة ، والغيرة الحارة على الخير نبهته إلى مخاطر الفن ، فراح يمتهنه و يذله وهو الفنان العظيم . وعلى أي حال لم يكن في وسع أفلاطون أن يتابع القائلين بالفن لأجل الفن بعد أن ميز بين الخير والشر ونصب الطهارة مثلاً أعلى للإنسان وهو يعلن أن المسألة مسألة العدالة ، وأن الواجب إيثار العدالة على كل شيء . وإنما شدد النكير على الشعر الهوميرى لأن هذا الشعر كان قوة هائلة يأخذ عنه اليونان جيلا بعد جيل حكمة الحيلة في الأخلاق والدين والسياسة والحرب والصناعات ؛ فكان خطره عظياً وسحره فالاً . وكما أن أفلاطون حارب -