صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/137

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المبادئ . وإنما يريد الحكام فلاسفة لأن التربية الأولى خلقت في الحراس ظنوناً صادقة وعواطف طيبة ، مستعينة بالطبع والتطبع لا بالعلم ، فيمكن أن تضعف الظنون بالنسيان وأن تلين المواطف للخوف أو للاغراء ، فلابد أن يكون الحكام فلاسفة يعلمون الخير و يريدونه إرادة صادقة , والفيلسوف هو الرجل الوحيد الذي يستطيع أن يتصور القوانين العادلة تصوراً علميا وأن يلقنها الآخرين بأصولها و براهينها فتدوم في المدينة ، بينا تصور السياسيين العمليين ، إن أصاب ، فهو ظنى لا ينقل للغير فيقبر معهم . وعلى ذلك فالفلسفة هي الوسيلة الوحيدة لوضع سياسة محكمة مستديمة ، و يجب تحضير أذهان الجمهور لهـذا الانقلاب ، والجمهور ميال لاعتقاد أن الفلسفة عديمة النفع المدنية ، ولكن متى استخدمت فلم تفاح السوفسطائيون الذين وضعوا الفلسفة موضع سخرية بمغالطتهم ومخاتلتهم ، وساعد على الاستخفاف بها أن كثيراً ما يتصدى لها الجهلاء الأدعياء ، وأن الشبان يلجونها قبل الأوان و يتركونها قبل الأوان كأنها فترة انتقال بين زمن التحصيل والحياة العملية ، ويعتبرونها حلية يحسن أن يتحلوا بها لكن على أن تكون خفيفة سريعة . وقد قلنا إنه لا ينبغي الاشتغال بها قبل الثلاثين ، وإنه يجب التهيؤ لهـا بالفضيلة التي تخلص النفس من الشهوات وتعدها لقبول الحق ، فإن الحق لا ينكشف للنفس تطلبه وهى منقسمة على نفسها بل للنفس المخاصة تتوجه إليه بكليتها . فلنعمل على علاج هذه الحال لعل الشعب يدرك يوما أن الفلاسفة أصلح الناس لإقامة شيء من النظام الإلهي على هذه الأرض ، أو لعله يولد للملوك أبناء ذوو استعداد للفلسفة يحتفظون بهذا الاستعداد حتى إذا ما آل إليهم السلطان أسلوه للفلاسفة فيتم إنشاء المدينة المثلى على أسرع الوجوه وأيسرها . وتدوم المدينة المثلى مادام الحكام معنيين بالأطفال مستبقين طبقة الحراس في المستوى اللائق ، ينزلون إلى الطبقة يلحظون فيه انحطاطاً من أولاد الحراس و يرقون إلى الحراسة من الثالثة