صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/139

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

و يقتضى نساب مالي لولاية الوظائف العامة ، فتفكك وحدة الجماعة وتنقسم المدينة إلى اثنتين : الأغنياء والفقراء ، وتسود الشهوات الدنيئة و يكثر الاموس : وهذه هي الأوليفركية أو حكومة الأغنياء . – و يزداد الأغنياء طلباً لاثروة ، فيقرضون الشبان الموسرين مالاً بالربا ينفقه هؤلاء في الملذات فيميهم الفقر وتبقى لهم امرتهم فيبدو لهم أن يعارضوا الثروة بالقوة ، فيثيرون الشعب فيفوز الفقراء الأقوياء على الأغنياء الترفين : وهذه هي الديموقراطية أو حكومة الكثرة ، وشعارها الحرية والمساواة المطلقة دون اعتبار لقيم الرجال . - ويبرز من بين دعاة الديمقراطية وحماة الشعب أشدهم عنفاً وأكثرهم دهاء ، فينقى الأغنياء أو يعدمهم ، و يلفى الديون و يقسم الأراضي ، و يؤلف لنفسه حامية يتقى بها شر المؤامرات ، فيغتبط به الشعب ويستأثر هو بالسلطة . ولكى يمكن لنفسه و يشغل الشعب عنه و يديم الحاجة إليه يشهر الحرب على جيرانه بعد أن كان قد سالهم ليفرغ إلى تحقيق أمنيته في الداخل . و يقطع رأس كل منافس أو ناقد ، ويقضى عنه كل رجل فاضل ، و يقرب إليه جماعة من المرتزقة والمثقاء ، و يجزل العطاء الشعراء الذين قيناهم من مدينتنا ، فيكيلون له المديح كيلا . وينهب الهياكل ويعتصر الشعب ليطعم حرامه وأعوانه ، فيفرك الشعب أنه انتقل من الحرية إلى الطغيان ، وهذه هي الحكومة الأخيرة . والحكومات الأربع الفاسدة مراحل تمثـل استفحال الشر وافتئات الطبقات السفلى في المجتمع والقوى السفلى في النفس على الطبقات والقوى العليا : فالطيموقراطي مولع بالمجد والسلطان ، هو الشجاعة خرجت عن طور المقل - والأوليفركي شره للمال ؛ خلو من كل عاطفة شريفة -- والديمقراطي منقلب مع الأهواء ليس لحياته قاعدة وليس فيها إكراه ، يتوهم خيره في الحرية المسرفة فيقتله هذا الإسراف – والطاغية متهتك مبذر سارق مجرم خائف أبدا ، لا يعاشر غير الأشرار ، و يعاشرونه ليفيدوا منه . ألا أن العدالة وحدها تكفل السعادة للفرد ..