صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/145

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ما يزال يرنو إلى مدينته الأولى ، ويعتقد أن الأمور الاجتماعية والاقتصادية من البساطة بحيث يمكن إخضاعها للقانون ، وكل الفرق هو أنه يحاول أن يستخرج من عقل الملك الفيلسوف الحكمة السياسية كلها دفعة واحدة ليحلها محله ، ناسياً ما قرره أن الأحوال الإنسانية دائمة التغير وأن القانون أصلب من أن من يتلاءم مع كل حال . وهو يرمى إلى إقامة حكم العقـل والعدل واستبقاء وحدة الأمة يتلطيف الأثرة الشخصية إلى الحد الأدنى ، وبالحيلولة دون البدع ، فينع مجموعة واسعة من الأوامر والنواهي تخنق كل استقلال في الفكر ، وتجرد الفرد من نزعاته الطبيعية لتركه آلة صماء وعبدا للدولة ، فهو ينتهى إلى صورة من الحكم المطلق هي أعقد صوره وأعجزها عن تحقيق الغرض من الحكومة ، غير أنه خاف لنا عدداً كبيراً من الآراء الجزئية هي ربح صاف للاجتماع والسياسة .

٤٣ --- قاعة الباب الثاني : ا - نرجو أن تكون قد وفقنا في أثناء تصويرنا مذهب أفلاطون إلى إشعار القارىء بعض الشيء بسمو روحه وعمق فكره وتنوع أسلوبه . جمع أفلاطون في شخصه كل مزايا العقل اليوناني فأبلغها إلى أقوى وأبهى مظاهرها : الجرأة والتؤدة ، الحدس والاستدلال ، العاطفة والملاحظة ، الفن والرياضة . واستوعب جميع الأفكار فحصها إلى حد بعيد ، وسلكها في نظام راحل بديع ، وأحس جميع النزعات الروحية ؛ فاستخلصها من الأرقية وسائر الأسرار ، ووضحها وأحالها معانى عقليـة ؛ فنقل الدين إلى الفلسفة : قال إن المطورين الذين تتحدث عنهم الأسرار ما هم إلا الذين يمنون بالفلسفة بمعناها الصحيح ، وأن الناسفة ؟ (۱) - فیلون ، ص ٦٩ ( د ) . (1) 6