الفصل الثاني
المنطق
٤٧ — المنطق وأقسامه :
أ — كان أرسطو أول من نظر إلى العلم في مجموعه ورضع مبادئ تعنيف
تام للعلوم. فالعلم عنده ينقسم أولا إلى نظري وعملي بحسب الغاية التي ينتهى
إليها : العلم النظري ينتهى إلى مجرد المعرفة و يقع على الوجود فينظر فيـه من
ثلاث جهات : من حيث هو متحرك ومحسوس وهذا هو العلم الطبيعي ، ومن
حيث هو مقدار وعدد وهذا هو العلم الرياضي١ ، ومن حيث هو وجود بالإطلاق
وهذا هو ما بعد الطبيعة. — أما العلم العملي فالمعرفة فيه ترمي إلى غاية متمايزة
منها ، وهذه الغاية هي تدبير الأفعال الإنسانية وذلك إما في نفسها وهذا هو
العملي بمعناه المحدود ، وإما بالنسبة إلى موضوع يؤلف ويصنع وهذا هو الفن.
والعلم العملي يدبر أفعال الإنسان بما هو إنسان من ثلاث نواح : في شخصه وهو
الأخلاق ، وفي الأسرة وهو تدبير المنزل ، وفي الدولة وهو السياسة. والفن يدير
أفعال المخيلة والأعضاء ويحدث مصنوعات مفيدة أو جميلة وينقسم بحسب
الموضوعات التي يتناولها. — والعلم النظري أشرف لأنه كمال القـل ، والعقل
أسمى قوى الإنسان ، ولأنه العلم للعلم لا لغرض آخر يرتب إليه و يتبعه. وأشرف
العلوم النظرية ما بعد الطبيعة لسمو موضوعه و بعده من التغير. كذلك العلم
- ↑ ويسمى أيضاً في الكتب العربية بالتعليمي ؛ لأن اللفظ اليوناني الدال على الرياضيات Mathématiké يدل أيضاً على التعليم.