صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/176

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱۷۰ –

الفصل الثالث

الطبيعـة

٥٤ — العلم الطبيعي وأقسامه :

ا — الوجود الطبيعي هو الذي يتعلق بالمادة في الحقيقة وفي الذهن ، فإنا مهما تحاول فلن نستطيع أن نتصور الإنسان إلا في لحم وعظم ، وهكذا سائر الموجودات الطبيعية في المادة التي تلائمها. وكل ما هو مادى فهو متحرك ، فموضوع العلم الطبيعي الوجود المتحرك حركة محسوسة ، بالفعل أو بالقوة. والحركة على أنواع ، ولأجل تعيين عدد هذه الأنواع يجب الرجوع إلى معنى أعم من الحركة هو التغير أو الصيرورة : كل تغير فهو من طرف إلى طرف ضده ؛ وعلى ذلك فلا تغير من اللاوجود إلى اللاوجود ؛ إذ ليس بينهما تضاد ، وإنما التغير من اللاوجود إلى الوجود ، ومن الوجود إلى اللاوجود ، ومن الوجود إلى الوجود. أما النوع الأول فليس حركة ولكنه « كون ، لأن الحركة تقتضى قبلها وجود المتحرك ، والكلام هنا على كونه أي على وجوده بعد لا وجود ، ثم إن للحركة وسطاً ولا وسط بين اللاوجود والوجود. وأما النوع الثانى فليس حركة كذلك واسكنه و فساد ، إذ لا وسط بين الوجود واللاوجود ، والانتقال من الأول إلى الثاني فجائي. فلا يبقى إلا النوع الثالث وهو انتقال نفس الشيء من وجود إلى وجود هو حال لهذا الشيء ، ويتحرك الشيء حركات مختلفة ؛ لكن لا من حيث الجوهر فإن الجوهر عرضة للكون والفساد ليس غير ؛ ولا من حيث جميع المقولات الأخرى ؛ بل من حيث بعضها فإن الإضافة لاو وجود لها بذاتها وإنما توجد