صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/218

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ا فالانفعال غير مصحوب بتصديق . هذا إلى أن العقل يدرك الصورة الكلية أي الماهية ، بيها الحس يدرك الصورة الجزئية أي العوارض المتشخة فيها الماهية . -- والمقل قوة صرفة كالحس وإلا لما استطاع أن يتعقل الموضوع كما هو ، إذ لو كانت له صورة أو كيفية خاصـة حالت دون الصورة العقولة أن تتحقق فيه . فطبيعته أنه بالقوة ، كاللوح لم يكتب فيه شيء بالفعل . غير أنه أمين من الحس في معنى القوة إذ أنه يدرك ما هيات الأشياء جميعاً في حين أن الحس لا يدرك سوى المحسوسات من حيث هي كذلك . فالسقـل « مفارق » أي ليس له عضو يعينه إلى موضوع و يشاركه في فعله ، وهذه المفارقة تفسر لنا أيضاً كيف أن افعاله يختلف عن انفعال الحس فإن الحس لا يستطيع الإدراك بعد التأثير العنيف ، كالسمع لا يدرك الصوت بعـد أصوات قوية ولا يدرك البصر والشم بعـد ألوان ساطعة وروائح شديدة . أما العقل فبالعكس يستطيع بعد تعقل موضوع شـديد العقولية أن يتعقل موضوعات أدنى معقولية ، والسبب في ذلك أن الحس لاتحاده بعضو يتأثر بفعل الشيء فيه بينها العقل مفارق لكل عضو وغير منفعل انفعالا طبيعيا كالحس . - ويلى هذه القوة الصرفة قوة أقرب ؛ فإن العقل بعد أن يخرج إلى الفعل يحفظ صورة الموضوع الذي تسقله و يستطيع أن يستعيدها ، فهو بالاضافة إلى هذه الاستعادة بقوة أقرب إلى الفعل من القوة الأولى السابقة على العلم ( و يسمى حينئذ عقلا بالملكة ) . والعقل يدرك الماهيات مباشرة و يدرك الجزئيات المتحققة فيها الماهيات بانعكاسه على الحس الذي هو مدرك الجزئيات بأعراضها . فالمقل يدرك الكليات والجزئيات جميعاً ، ولكن باختلاف ، فهو يدرك ماهية المـاء ويدرك أن هـذا المعلوم بالحس ماء . وباعتباره مدركا للماهيات في أنفسها {

(1) كتاب النفس م ۳ ف ۰۲ (۲) ٣٢ ف ٤ . وإدراك العقل للجزئيات مذكور في مي ٤٢٩ ع ب س ۱۰ -- ٢٤