صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/230

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ا لا وجود . نجيب على ذلك أن من الممكن أن يكون الشيء الواحـد وجوداً ولا وجودا في آن واحد لكن لا من جهة واحدة ، فمن جهة القوة من الممكن أن يكون الشيء الأضداد في آن واحد أي قابلا لها ، وأما من جهة حصولها فيه بالفعل فلا . 3) ولاحظوا أن الشيء الواحد يبدو في آن واحد حلوا للبعض مرا البعض ، أو يبدو لذات الشخص تارة حلوا وتارة مرا ، قالوا أن ليس إحساس أصدق من إحساس لأن الاحساس مجرد انفعال ، ولأن كل إنسان يعتقد أن من لا يوافقه فهو مخطئ و إذن فالاحساس الواحد والرأى الواحد صادق وكاذب في نفس الوقت ، ونحن تقول : ليس بصحيح أن كل ما يبدو فهو حقيقى ، إذ ما من شك في أن المقادير والألوان هي كما تبدو عن قرب لا عن بعد ، وكما تبدو للأصحاء لا للمرضى ، وأن الحقيقة ما نراه في اليقظة لافى المنام ، وأن المستقبل يتحقق على ما يتوقع العالم لا الجاهل ، وقد نبه إلى ذلك أفلاطون(1) ، ثم إن شهادة الحس أوثق في موضوعه الخاص منها في موضوع مشترك ، وليس يحدث أن حمّا ما ينبئنا في وقت واحد وعن موضوع واحد أنه كذا وليس كذا . 3) واعتقدوا أن المحسوسات هي كل الموجودات ، ولما كانوا يرون المحسوسات في حركة متصلة فقد ظنوا أنه يستحيل التعبير عن أية حقيقة بخصوصها ، ومن هنا نشأ أبعد المذاهب تطرفاً بين أتباع هرقليطس وهو مذهب أقراطيلوس ، فإن هـذا الأخير انتهى إلى تحريم الكلام وكان يقتصر على تحريك أصبعه ، ويلوم هرقليطس اقوله إنه لا يمكن النزول في النهر الواحد مرتين ، و يعلن أنه لا يمكن النزول فيه حتى مرة واحدة . ولكنهم وهموا في تصورهم هـذا ، فإن الأشياء لا تتغير من كل وجه بل تذهب الصورة وتبقى الهيولى تحل فيها صورة أخرى ، وما دام الشيء دامت صورته وتغير من حيث الموارض فقط ، ونحن إنما نعلم الأشياء بالصورة لا بالعوارض ، ثم إن ی (۱) في « تيتياتوس » ص ۱۷۸ (جده)