صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/246

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

.ولولا الحكومة لما أمكن تحقيق النظريات الخلقية ، والناس في الأكثر لا ينتفعون بالقول ولا يتجنبون الشر إلا خوفا من القصاص . إن العلل التي تعاون على إحداث الفضيلة ثلاث : الطبيعة والمادة والتعليم . أما الأمزجة الطبيعية فلا تتعلق بنا ولا حيلة لنـا فيها ، وأما التعليم فليس يفيد إلا إذا سبقه التحضير بالعادة أي التربية ، فإن العادة طبيعة ثانية وميل يتطلب الارضاء ، فمتى وجدت عادة الفضيلة ا ا بالقربيـة أجدى التعليم وسهل الأخذ به . ولا يحسن القيام على التربية والتعليم غير الدولة ، لأنها هي الحاصلة على العلم بالخير الكلي الذي تصدر عنه القوانين ، فيجب أن تكون في الدولة قوانين تنظم تربية النشء وسيرتهم بل البالغين أيضاً طول حياتهم . أجل إن للتربية المنزلية مزايا ، فهي تقوم على المحبة الطبيعية بين الآباء والأبناء ، وتراعي الطبائع الفردية بدقة أكثر . ولكنها مع ذلك أدنى من تربية الدولة ، لأن القوانين من القوة الرادعة مالا يتفق للأب أو لأى فرد آخر ، ولأن الوالدين غالبا ما يكونان عاطلين من العلم اللازم ، و إن افترضنا فيهم تجربة فإن هذه التجربة لا تغنى عن العلم ، ولا يغنى عنه جمع التجارب وانتقاء أحسنها لأن هذا الانتقاء نفسه يقتضى العلم بالكلي . فلأجل أن يكون على الأخلاق تاما يجب الكلام في العلم السياسي ... هذا رأي أرسطو في علاقة الأخلاق بالسياسة يذكره في بدء الكتاب و يعود إليه في ختامه . إن إخضاعه الأخلاق للسياسة بعيد كل البعد مما يفهم البعض ، وإن أمكن مناقشته فيما يخول الدولة من كفاية وسلطة مطلقتين ، فلا يمكن الخلط بينه و بين ما يذهب إليه بعض المحدثين وبخاصة الألمان منهم ، من أن للدولة أخلاقاً غير أخلاق الفرد ، فإن أرسطو يصرح بأن غاية الفرد وقاية المدينة شيء واحد وينبذ قول السوفسطائيين إن الأخلاق وضعية متغيرة (٢) كا سكان قد نبذه أفلاطون . ی (۱) م ۱۰ ف ۹ ۰ (۲) م ه ف ۰۲