صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/250

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٢٤٤ واحدة فقط -- وهذا اعتراض مردود بإقرار أرسطو نفسه أن كل ما يقال على كثيرين إنما يقال أولاً . و بالذات على طرف واحـد بعينه ( 65 ب ) فإن وجد الموجود الأعظم كان هو الخير الأعظم وأطلق الخير على ما عداه بالماثلة كما يطلق الوجود ( 55 ، 1 -- 65 14 - 65 ب ) وكما يشير إليه أرسطو في آخر الفصل الذي نحن بصدده ، ولكنه لا يكاد يشير حتى يرجى القول إلى علم آخر كانه يتهرب . - الاعتراض الآخر : لو سلمنا بالخير مثالاً مفارقاً كان من الواضح أن الإنسان لا يستطيع أن يحصل عليه ، ونحن إنما نبحث عن الخير الذي يمكن تحقيقه واكتسابه ، وأي فائدة يرجو الحائك أو النجار لفنه من معرفة الخير بالذات ؟ (1) نقول من جهة إن أفلاطون قد بين أن السعادة إنما تحقق بتأمل الخير الأعظم والاتحاد به ، وسنرى أن السعادة عند أرسطو تبقى معلقة لأنه لم يعين لها موضوعا كفؤا لها كما فعل أفلاطون . ونقول من جهة أخرى إن الفلسفة الخلفية لا تبحث في خير الإنسان من حيث هو نجار أو حائك أو طبيب بل من حيث هو إنسان ، و إذن فمعرفة الخير الأعظم هامة بل ضرورية كما ذكرنا عنه الآن . ح .. ما هو إذن خير الإنسان ؟ يجب أن يتوفر فيه شرطان : الأول أن يكون غاية قصوى أو خيراً تاما يختار لذاته ولا يكون وسيلة لغاية أبعـد . الثاني أن يكون كافياً بنفسه أي كفيلا وحده أن يسعد الحياة دون حاجة لخير آخر وهذان الشرطان متحققان في السعادة ؛ فإن الخيرات التي ذكرناها إنما يطلبها الناس لأجل السعادة ولا يطلبون السعادة لشيء آخر ، فالسعادة في هذا الخير وفيم تقوم سعادة الإنسان ؟ لكل موجود وظيفة يؤديها ، وكمال الموجود أو خيره يقوم في تمام تأدية وظيفته . وللإنسان بمـا هو إنسان وظيفة خاصة يمتاز بها من سائر الموجودات ، ليست هي الحياة النامية ولا الحياة الحاسة ولكنها الحياة الناطقة (1) م ا ن .