صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/253

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ا فإن الإفراط في التعرض للمخاطر يجعل الإنسان متهوراً ، وقلة التعرض لها يجعله جباناً ، وكلاهما يمنع الشجاعة التي إنمـا تنشأ وتبقى وتنمو بالمارسة المعتدلة للخطر . والمارسة شرط نمو الملكة واستقرارها في الفضيلة وفي كل فن . والفعل الذي يصير الإنسان شجاعاً مثلاً هو شبيه بالفعل الذي يصدر عن فضيلة الشجاعة شبهاً ظاهريا فقط لأن الشجاع هو الحاصل على كمال الشجاعة وهو أقدر سيطرة على فعاله . فليست توجد الفضيلة حقا إلا إذا صارت ملكة أو عادة وصدرت عن الملكة بمثل ما يصدر به الفعل عن الطبيعة من سهولة ، ولا بعد الرجل عدلا أو عقا حقا إلا إذا عدل أو عف من غير عناء بل باذة . نعم بلذة فإن علامة لا تخطى على مبلغ استعداد المرء للفضيلة هو ما يشعر به من لذة أو ألم حين يأتى أفعالاً مطابقة لها . ليست اللذات والآلام خارجة عن الفضيلة مهما يظن البعض : إنها ترشدنا في فعالنا وتصاحب هذه الأفعال ، والوديون يحرصون على استخدامها وسيلة للتهذيب . ونيس من ينكر أن الإسراف في طلب اللذة الذي يصيرنا أراذل لا اللذة فسها ، فأن الله فيما ينبني وحين ينبغي ، وأن نألم أو تهرب، من الألم فيما ينبغي وحين ينبغى ، كل أولئك فضيلة ، إذ أن الميول ليست بخير ولا شر بالذات ولكنها وسائل للعمل تصير خيرة باتباع العقل وشريرة بعصيانه). وكون الفضيلة ملكة يستتبع أنها كالفن كيفية للفاعل فوق أنها كيفية للفعل ، مع هذا الفارق وهو أن الآية الفنية لكى تدعى كذلك يكفي أن تحقق بعض كيفيات لا تتطلب في الفنان أكثر علمه بما يفعل ، بينها الفضيلة تتطلب علاوة على ذلك وقبل كل شيء أن يحقق الفاعل في نفسه شرطين آخرين هما : استقامة النية أي اختيار الفعل لذاته ، والمثابرة أى صدور الفعل عن ملكة ثابتة . ومن يتوهم أن المثابرة غير لازمة للحصول على الكال مثله مثل الريض الذي يريد الشفاء ولا يستعمل وسائله " هو من

۰۲۶۷ ۰۲ ۲۰ (۱) ۰۳ ۲۴ (۲) (۲)