صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/254

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٢٤٨ - بعد هذه التمهيدات يعرف أرسطو الفضيلة بأنها استعداد تا بإزاء الانفعالات ناشيء من نمو قوة بالمران . و بيانه أن كل فعل إنما تسبقه قوة من نوعه ، والفضيلة قوة الفعل الخلق ولكنها ليست مجرد قوة وليست انفعالاً مؤقتاً كالغضب أو الشفقة ، وإنما هي استعداد أو ملكة أو حال مكنسية بالمران وموقف دائم بإزاء الشهوات من حيث أن التكرار يولد طبيعة ثانية (1). على أن قولنا إن الفضيلة ملكة أو كيفية للنفس يعطينا الجنس فقط ، فما هو الفصل النوعي ؟ ما هو موقف الفضيلة بإزاء الشهوات ؟ هو أن تختار الوسط العدل بين إفراط وتفريط كلاها رذيلة . وليس هذا الوسط الوسط الرياضي الذي نمينه في المقدار المتصلى على مسافة واحدة من طرفين فلا يتغير ، وإنما هو وسط بالإضافة إلينا متغير تبعاً للأفراد والأحوال : فمثلاً الوسط الحقيق بين الحد الأقصى والحد الأدنى لما يستطيع الإنسان أن يتناوله من غذاء يزيد على حاجة المبتدئ بالرياضة ويقل عن حاجة المصارع ؛ فالتزام الوسط الفاضل يجب أن يراعى فيه « من وأين ومتى وكيف ولم » (٢) ۔ وعلى ذلك فالفضيلة و ملكة اختيار الوسط الشخصي الذي يعينه العقل بالحكمة ، فإن الشهوة ليس لها بذاتها حد تلتزمه ؛ فالعقل هو الذي يمين الحد ، وهذا هو الفارق بين الفضيلة والرذيلة . وهذا التعيين قد يقوم به الفاعل وقد يدله عليه غيره ، و ، ولكن الحال الأول أكمل ، ولا تكون الفضيلة فضيلة بمعنى الكلمة إلا إذا صدر الحكم فيها عن عقل صاحبها واتبعته إرادته . على أن الفضيلة إن كانت من حيث للاهية وسطاً بين طرفين مرذولين ، فإنها من حيث الخير حد أقصى وقمة إذ أن الوسط هو ما تحكم الحكمة بعد تقدير جميع الظروف أنه ما يجب فعله « هنا والآن » فهم خير بالإطلاق . ومما تجب ملاحظته أيضاً أن من الأفعال والانفعالات ما لا يحتمل الوسط ، فإن من الانفعالات ( كالحسد والغيرة ) ومن الأفعال ( "كالسرقة والقتل ) (۷) م ۲ ف ه . (۱) م ف ؛ . D D € (۲)