صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/256

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ا من الجهل . أما الأفعال التي تأتيها عن خوف اتقاء شر أعظم أو ابتغاء خير أعظم فهي مزاج من الإرادي واللاإرادي ، ولكنها إرادية أكثر منها لا إرادية : هي إرادية لأن صاحبها يريدها ويفعلها طلباً للغاية مثل إلقاء البضائع في البحر ابتغاء النجاة ، من العاصفة – وهي لا إرادية لأن أحدا ليس يريدها لذاتها و بغض النظر عن الظروف .. أي هي إرادية بالإطلاق ولا إرادية بالإضافة . وعلى ذلك فالذي يفعل ما لا ينبغي تحت تأثير الخوف إن كان فعله ذنباً خفيفاً يأتيه اتقاء شر يفوق الطاقة البشرية فهو معذور ، أما إن كان فعله ذنباً ثقيلاً فليس يعذر مهما يكن الدافع له فإن من الأفعال ما العذاب بل الموت خير من ارتكابه واللا إرادي الناشي من الجهل هو الذي يفعل مع جهل المفعول أو جهل ظرف من ظروفه بحيث لو علم الفاعل هذا أو ذاك لما فعل ، وعلامته أنه يثير الأسف في نفس الفاعل ( كما لو أصاب إنسان إنساناً ظانا أنه يرمى حيواناً ، فإذا كان للقتول علوا يلتمس قتله فإن الجهل هنا لا يحيل الفعل لا إراديا إلا من حيث أن المجهول ليس مراداً بالفعل مع كونه مراداً بالقوة ؛ لذلك هو لا يثير أسفاً ولا ألماً ) . وليس سواء الفعل عن جهل أي بسبب الجهل والفعل جهلا أي جهل الفاعل ما يفعل : فمثلاً السكران والغضبان يفعلان أمورا كثيرة جهلاً ، لكن لا عن جهل بل عن غضب أو سكر ، وكل من السكر والغضب علة في أن صاحبه يجهل ما يفعل و يفعل ما يجهل ، فالجهل مصاحب للفعل وليس علته ، والفعل مع . الجهل فعل لا إرادي . و إذا كان الفاعل عامداً في جهله كان فعله إراديا لأن جهله إرادي مس والاختيار أضيق من الإرادي أي أنه نوع تحت جنس ، فإن أفعال الأطفال والحيوانات وأفعالنا الفجائية إرادية كلها ولكنها ليست نتيجة . ۱ ۲ ۰ (۱)