صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/267

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

موضوعاً للشهوة ، وغاية تجعل الفعل أشهى وأحب لأنها هي مشتهاة ، وتبعث فينا النشاط فنؤدى الفعل على وجه أحسن ، بحيث أنها بعد أن كانت معلول الفعل تصير علة كماله . فمن هذه الناحية أى من حيث صيرورة اللغة غاية متميزة من غاية الفعل ، يتعين على العقل ملاحظتها وتدبيرها ، لأنها إن طلبت لذاتها أودت بالشخص وفوتت عليه الغايات الأولية فصارت رديئـة . ولكن الأفعال هي التي توصف أولا بالخير أو بالشر، واللذات تابعة لها ، فاللذة الحسنة أو الحقة تنشأ من الفعل الفاضل ويتذوقها الرجل الفاضل وحده معرضاً عن الائمة الكاذبة التي يطلبها الرذيل . فما هي الأفعال أو ما هو الفعل الكفيل بأن يكمل طبيعتنا و يجلب لنا اللذة القصوى أو السعادة ؟ - رأينا أن السعادة يجب أن تكون الفعل المطابق لأشرف فضيلة . وأشرف فضيلة هي فضيلة العقل المنظري لأنه أشرف جزء فينا وموضوعه أشرف الموضوعات أعنى الموجودات الدائمة الثابتة . والنظر هو الفعل الذي نستطيع أن نزاوله زمناً أطول من أي ضل آخر ، وهو يعود علينا بلذة لا تعدلها لذة نقاء ودواماً ، وهو محبوب لذاته بينما سائر الأفعال مرتبة لأشياء أسمى منها . إن العقل يشغل مكاناً ضئيلاً ، ولكنه يفوق جميع القوى بما لا يقاس قوة وكرامة ، فلا ينبغي أن تتبع قول القائلين إننا بشر و إنه يجب أن نقف فكرنا عنـد الأشياء البشرية ، بل يجب أن نتعلق بالحياة الدائمة بقدر المستطاع ، وأن نبذل كل جهد لكي نحيا أرفع حياة تطيقها طبيعتنا ، فإنها هي أسعد حياة ، أما حياة الحكمة العمليه فهي حياة المركب الإنساني لا حياة العقل المجرد ، وهي مفتقرة للغير وللخيرات الخارجية كموضوع لأفعالها ، والعقل في غنى عن أولئك جميعاً . وهي توفر سعادة يمكن تسميتها سعادة إنسانية ، ولكنها سعادة ثانوية نطلبها لأننا لسنا عقلاً صرفاً فلا نستطيع أن نحيا حياة نظرية باستمرار ، ولأنها تساعدنا على البلوغ إلى الحياة .