صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/281

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الباب الرابع

مدارس قديمة وجديدة

۷۸ – تمهيـد :

أ — في هذا الباب مجمل القول في الحركة الفلسفية من أوائل القرن الرابع قبل الميلاد إلى أواخر القرن الخامس بعده ، نمود إلى ذلك الوقت الذي تفرق فيه أصحاب سقراط لنؤرخ مدارس تأثرت به وأسميت باسمه. عاصرت الأكاديمية واللوقيون وعارضتهما فهدت السبيل لمدارس الدور الثالث والأخير من أدوار الفلسفة اليونانية ، وهو دور امتاز بأنتشار الثقافة اليونانية في بلدان البحر المتوسط بعد وفاة الإسكندر وتجزء ملكه ، فتعارف فيه العالم اليوناني والعالم الشرقي وتأثر كل منهما بالآخر وشارك الشرقيون ولاسيما الساميون منهم في العلم والفلسفة وقامت في المشرق حواضر علمية جديدة في مقدمتها الإسكندرية و برغاما ورودس مع بقاء أثينا مركز الفلسفة ، ولكنه دور تناقص فيه الإبداع الفلسفي وعكف رجاله على تجديد المذاهب القديمة مع عناية خاصة بالأخلاق تبعاً لموقف سقراط والفكرة الأساسية عند أفلاطون ، فجدد أبيقوروس مذهب ديموقريطس ، وجدد الرواقيون مذهب هرقليطس ، وكان العقول قد شاخت والنفوس تراخت فضعفت الثقـة بالعقل ونبت مذهب الشك طغى على الأكاديمية ؛ إلى أن خلصتها منه نهضة لم تلبث أن تلاشت.

ب — ولهذا الدور فضل كبير على العلوم والصناعات فقد كان القرن الثالث قبل الميلاد من أخصب عصور العلم القديم نشأ فيه إخصائيون عنوا بتمحيص المعارف