صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/289

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أنفسهم على الفضيلة فيحيدوها كما يجيد الدائع الذي يزاول مهنته . فالرياضة سبب الفلاح ووسيلة الخلاص من رق الأهواء ، ويعنى بالرياضة البدنية منها والنفسية ، الواحدة متممة للأخرى وكل منها مرب للإرادة ، وكان يحتقر العرف و يقول بالطبيعة الإنسانية يستوحيها المحكيم و بتبع قوانينها دون القوانين الوضعية والاصطلاح السائر . وكان ينظر إلى الفرد مستقلا عن الجماعة وماهية منفصلة ، ويرى الفضيلة ممكنة له بهذا الاعتبار ، على عكس أفلاطون وأرسطو الذين كانا يجعلان المدينة شرط الفضيلة . وكان الكلابيون بالإجمال أقل أهل زمانهم شعورا بالوطنية وحرصاً عليها وأكثرهم ميلا للإنسانية ، يستحبون الدول الكبرى كدولة الفرس ودولة الإسكندر دون الأوطان الضيقة أي المدن اليونانية وعصبياتها . وهذا إتجاه جديد سيسير فيه الرواقيون ، وهو متلائم مع القول بالماهيات منفصلة ليس بينها علاقات توضع في أحكام ، فماهية الإنسان لا تتضمن علاقة وطنية أو سياسية ولا ترجع إلى أية ماهية أخرى ، فهي مطلق لا يحتمل الإضافة وهي الحقيقة وما عداها فهو عرف لا وزن له عند الحكيم . فيتبين من هذا أن المذهب الكابي وحدة متماسكة الأجزاء . ۸۲ – أرسنيوس والمدرسة القورينائية : د 1 - نشأ أرستيوس في قورينا ( ۲۷ - و ) ثم رحل إلى أثينا وانضم إلى السوفسطائيين إلى أن اتصل بقراط فكان واحدا من تلاميذه المواظبين . و بعد ممات المعلم سافر إلى جهات مختلفة وقضى مدة طويلة في بلاط سراقوصة لعهد دنيسوس الأول وابنه من بعده ، و والتقى هناك بأفلاطون ولكنه أصاب من النجاح أكثر مما أصاب صاحبه لما كان يظهر من الخنوع والملق أستبقاء للنعمة علماء دیوجانس « بالكلب الملكي » . وفي أواخر حياته عاد إلى قورينا وعلم فيها .