صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/296

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۹۰ لذاته بل لعلم الأخلاق و بالقدر اللازم له فحسب . وهذا موقف له مثيله في العصر الحاضر مع تقدم العلوم واستكمال آلاتها ؛ فإن كثيرين من فلاسفتنا وعلمائنا يرون القوانين العلمية نسبية أو « فروضا نافعة ، ويظنون أن هذه النسبية هي الطريقة الوحيدة لتخليص الإنسان من سيطرة الضرورة المطلقة وإقامة الأخلاق . ب - الجواهر الفردة موجودة ولو لم تكن منظورة ، أليست قوة الريح والأصوات والروائح والتبخر والزيادة والنقصان البطيئان أمورا حقيقية غير منظورة ؟ ( وهذا تطبيق لأحد من د منهجى الحدس الفكري ) . أما اتصال المادة الذي يلوح أن الحواس تشهد به فهر وهم يشبه رؤية قطيع الغنم من بعيد بقمة ثابتة الجواهي الفردة موجودة إذن وهى في عـدد غير متناه تؤلف عوالم غير متناهية لكل عالم شكله وموجوداته وقتاً ما ثم يتبدل بانتقال الجواهر من عالم إلى آخر . وليست الجواهر متجانسة كما ارتأى ديموقريطس وليس يمكن تركيب أي شيء من أي الجواهر ، فإن بقاء الأنواع يقتضى أن تكون الأجزاء التي تدخل في تركيب أفراد النوع حاصلة على مقدار وصورة لا يتغيران ، ولو أنها لم تثبت في مركباتها إلا بعد محاولات عديدة . والجواهر متحركة أبدأ في خلاء لا متناه ، وعلة الحركة باطنة فيها وهى الثقل --- وكان ديموقر يطس قد سلبها الثقل فترك الحركة من غير علة . بالثقل إذن تتحرك الجواهر في خط مستقيم من أعلا إلى أسفل ( كما يشهد به سقوط الأجسام ) و بسرعة واحدة مع اختلاف مقاديرها ، فإن تفاوت السرعة إنما يتأتى عن تفاوت مقاومة الأوساط التي يجتازها الجسم المتحرك ، والخلاء عديم المقاومة فالسرعة فيه متساوية . غير أن للجواهر انحرافاً عن . سقوطها ، تنحرف من تلقاء أنفسها مقداراً صغيراً للغاية فتلتقي وتؤلف المركبات . ولا يحتج بأن التجربة لا تظهرنا على هذا الانحراف ، فلولاه لاستمرت الجواهر تسقط في الخلاء بلا انقطاع دون أن تلقى أبدا لتأليف الأشياء ، والأشياء موجودة خط . 4