صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/301

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۲۵ - - و إنما تنشأ النزعات من اختلال توازن الجسم فإذا استعاد الجسم توازنه زال ألمه فاطأن وسكن . هذه الطمأنينة هي اللذة تنتهى و يعود الألم إذا عاد الجسم إلى الاختلال . فالنزوع وسط بين سكونين ، هو حركة يريد بها الكائن الحى أن يدفع الألم عن نفسه أي أن يستعيد توازنه وسكونه . وليس السكون فراغاً من اللغة أو حالة شبيهة بالنوم أو بالموت ، فإن مثل هذه الحالة ليس سعادة ، ولكنه هو اللذة بعينها ، هو الاستمتاع بالتوازن ، فإن اللذة تنشأ حالما يزول الألم ، وإذا انتفى كل ألم فهناك اللذة العظمى . و إذن فنايتنا القصوى يجب أن تكون التوازن التام والطمأنينة التامة بمأمن من كل اختلال واضطراب . .. ولكن الجسم عرضة للألم دائما ، فمن هذه الجهة تبدو غايتنا مستحيلة . غير أننا نستطيع دائما أن توجد إلى جانب الألم الجسمى لذة عقلية نلطفه بها مهما اشتد وتحقق الطمأنينة : ذلك بأن النفس تلذ باللذة الحاضرة وبذكرى اللذة الماضية وبرجاء اللذة المستقيلة

فتستطيع في الوقت الذي تألم فيـه أن تذكر اللذة المضادة لألمها وأن ترجوها وعلى ذلك تكون لذة اللغة مستقلة عن الظروف الخارجية مستطاعة للنفس دائماً . فسعادتنا تتوقف على النفس و يجب أن يتوجه جهدنا إلى توفير الطمأنينة للنفس كما تحاول أن نوفر للجسم توازنه . وأول أسباب اضطراب النفس الجهل بالطبيعة وما يلزم عنه من خرافات . أما الحكيم فيعلم أن الأشياء متمشية على نظام ثابت فهو لا يخاف الظواهر الجوية ولا القـدر ولا الآلهة ، بل لا يخاف الموت فإن خوف الموت من فعل المخيلة : يتخيل الإنسان أن هذا الجسم الممدود هو هو و يضيف إليه حساسيته فيأخذه الرعب من ظلام القبر وتعفن الجسم . أما الحكيم فيعلم أن الموت فناء تام ؛ هو يعلم أنه حين توجد فليس يوجد الموت ، وحين يوجد الموت تنعدم ، لذلك يبطل خوفه منه . وهو يعلم أن الخلود مستحيل فلا يفكر فيه ولا يتحسر عليه : إن اللهم في السعادة قوة اللذة لا ملتها ، إذ أن {