صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/308

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الأول أهم لأنه يعبر عن نسبة ضرورية أي متضمنة منذ البدء في نظام العالم : وليس التالى فيه معلولاً للمقدم ، ولكنهما جميعاً معلولان لهذا النظام العام . و يعادله القياس الذي مقدمته الكبرى تتضمن تقابلاً بالتناقض . وإذا ألفت أمثال هذه المقدمات في مجموعة كانت أصول علم أو فن كالطب والتنجيم والعرافة الخ ... والمنطق الرواقى استقرائي يقوم على أن العالم مؤلف من ظواهر مرتبطة بعضها ببعض ، لا كالمنطق الأرسطوطالى القائم على ارتباط الماهيات . وهو يشبه منطق الأطباء والمنجمين الذين يستدلون على الأمراض أو الطولاع بعلاماتها كما يتبين من القضية الكبرى في الأقيسة المركبة . غير أن العلاقة بين الظواهر ولو أنها مدركة بالحواس إلا أنها قائمة على العليـة المنطقية التي تربط بينها بحيث يكون القياس في الحقيقة استدلالاً على الشيء بالشيء نفسه ، إذ أن النهار وسطوع الشمس واحد ، والمرض وعلته واحد ، والجرح وأثره واحد وهكذا ، 6 ۸۹ -- الطبيعة : ا | --- قلنا إن الرواقيين ماديون فقد كانوا كالأبيقوربين يعتقدون أن كل موجود فهو جسمي حتى العقل وفعله ، فإن تحدثوا عن لا جسميات أو معقولات أرادوا بها أفعال الأجسام ، ومنها أفكار العقل ، وأيضاً المكان والخلاء والزمان باعتبارها أوساطاً فارغة تقيل ما يملأها وليس لها ما للأجسام من فعل وافعال . ولكنهم خالفوا الأبيقوريين في تصور المادة ، فلم يقفوا عنـد أجزاء لا تتجزأ هي الجواهر الفردة ، بل ذهبوا إلى أن المادة متجزئة بالفعل إلى غير نهاية ، مفتقرة إلى ما يردها للوحدة في كل جسم ، فكان الجسم عندهم مركباً من مبدأين هما مادة ونفس حار يتحد بالمادة ويتوتر فيستبقى أجزاءها متماسكة ، وانقسام المادة إلى غير نهاية يسمح للنفس الحار أن يتحد بها تمام الاتحاد أي أن ينتشر فيها كلهه