صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/311

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وقانون وضرورة وقدر ، وكل أولئك مترادفات يراد بها المعقولية التامة في الأشياء . وهذه المعقولية تقتضى القول بالعلل النائية ، وقد قال بها الرواقيين وحشدوا لها الأمثلة الكثيرة من الجماد والنبات والحيوان ، وأسرفوا في ذلك فاخترعوا النايات - وكذلك ظنوا أن هذه المعقولية تقضي بإنكار القوة المقابلة لأفعل ، وهي في الواقع غير معقولة بذاتها ولا تعقل إلا بالإضافة إلى الفعل ، فأنكروها ، ورفضوا حد أرسطو للحركة وقالوا : إن المتحرك هو ما هو في كل أن أى أنه في كل أن بالفعل لا بالقوة . وما نظريتهم في كمون الأشياء بعضها في بعض وخروجها بعضها من بعض خروجاً آليا سوى نتيجة لإنكار القوة . إذن العالم إلهي معقول تماماً ، وهم يذكرون الله ويتوجهون إليه بالصلاة ، و يقصدون النار وقانونها أو ذلك « العقل الكلي الذي وقعت بموجبه الأحداث الماضية وتقع الأحداث. الحاضرة وستقع الأحداث المستقبلة » . وهم يذكرون الآلهة بأسمائهم الميثولوجية ، فيجارون الديانة الشعبية في الظاهر و يعنون في الحقيقة ما ترمز له هذه الأسماء من الكواكب والعناصر والأحداث الكونية . وهم يذكرون العناية الإلهية ويريدون بها تلك الضرورة العاقلة التي تتناول الكليات والجزئيات . ويبرؤونها من الشر بقولهم إن لكل شيء ضده ، فالشر ضروري للعالم كضد الخير ، و إن الله يريد الخير طبعا ولكن تحقيق الخير قد يستلزم وسائل لا تكون خيراً من كل وجه ، أما انشر الخلق أو الخطيئة فيمزونها إلى حرية الإنسان ويحاولون التوفيق بين هذه الحرية و بين القدر والضرورة بقولهم : إن الظروف الخارجية أي مناسبات أفعالنا محتومة ولكنها ليست محتمة بذاتها ، فإن أفراداً مختلفين خلقا إن وجدوا في نفس الظروف لم يأتوا نفس الأفعال . فالظروف تحرك الإنسان وخلقه يعين سيرته . أجل إن الخلق من فعل القدر ، وكل ما تأتيه متضمن في القدر ، ولكن القدر لا يستتبع القعود والتواكل ، فنحن من جهـة نعلم أن الظروف الخارجية غير محتمة للفعل ( ۴۰ - فلسفة )