صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/314

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۳۰۸ - ولكنه لا يرتقي بعقله و إرادته إلى الطبيعة الكلية ، فلا يرى في الوظائف توابع لإرادته بل يعتبرها واجبات مفروضة و يؤديها على هذا الاعتبار واحدة بعد أخرى متفرقة لا تجمعها فكرة الطبيعة الكلية ، فتظل أفعاله من جنس موضوعاتها لاخيراً ولا شراً ، ينقصها لكي تصير خيراً وفضيلة أن تصدر عن العقل المطابق للنقل الكلى ولأجل هذه المطابقة . والنقصان على درجات : درجة دنيا الإنسان فيها برىء من معظم النقائص لا منها جميعاً ، ودرجة تالية الإنسان فيها برىء من جميع الأهواء ولكنه عرضة للسقوط فيها ، ودرجة ثالثة وأخيرة الإنسان فيها آمن خطر السقوط ولا يفتقر ليكون حكمها لغير الشعور بالحكمة ، ولكته ناقص ما دام لم يبلغ إلى هذا الشعور وفى أية حرجة كان ، مثله مثل الفريق فإنه مختنق سواء أكان في قاع الماء أو قريباً من السطح ، أو مثل الرامي فإنه مخطئ سواء أجاء سهمه قريباً من الهدف أو بعيداً منه . ذلك بأن الحكمة شيء غير منقسم لا يحتمل التدرج ، في استقامة الإرادة إما أن توجد أو لا توجد كما أن الخط إما مستقيم أو منحن ولا وسط . 3


ويليه الإنسان الشرير أو الضـال غابت عنه فكرة الطبيعة الكلية

وانحرفت ميوله عن استقامتها الأولى فاتتخذ نفسه مركزا للوجود وعارض الخير الكلى بأشباح من الخيرات الجزئية أو المنافع وحصر سعادته فيها فتعرض لشتى الهموم والآلام . أفعاله مناقضة للمحكمة كل المناقضة ، كلها عصيان المقل وللطبيعة فكلها متساوية ليس بينها خفيف وثقيل إلا من جهة أن منها ما يتضمن معاصي أكثر من غيره فيعد أثقل ، كقتل الأب مثلاً فإنه يتضمن إزهاق النفس والغدر ونكران الجميل . وتتفاوت العقوبات بهذا الاعتبار . وتنحرف الميول باتخاذ اللذة الناشئة عن إرضائها غرضاً وغاية ، وتساعد البيئة على ذلك بما تفرض على الأطفال عادات لاتقاء البرد والجوع والألم على أنواعه فتقنعهم بأن كل ألم شر،